مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٦٧
فرضه المصنف. أما لو قال: أعرتكها شهرا من الآن بعشرة أو لتعيرني فرسك سنة من الآن ففيه وجهان: أحدهما أنه إجارة صحيحة نظرا للمعنى، والثاني: عارية صحيحة نظرا للفظ، وأصحهما كما في الأنوار الأول.
تنبيه: قضية كلام الشيخين أن نفقة المستعار ليست على المستعير بل على المالك، وهو كذلك لأنها من حقوق الملك كما نقله المصنف في نكت التنبيه وسكت عليه وإلا لم يكن شرطه مفسدا، وإن كان في تعليق القاضي حسين أنها على المستعير. (ومؤنة الرد) للعارية إذا كان لها مؤنة (على المستعير) من المالك أو المستأجر أن نحوه كالموصى له بالمنفعة، لقوله (ص): على اليد ما أخذت حتى تؤديه حسنه الترمذي وصححه الحاكم. وأنه أخذها لنفسه، بخلاف الوديعة. هذا إن رد على من استعار منه، فلو استعار من المستأجر أو الموصى له بالمنفعة ورد على المالك فمؤنة الرد عليه كما لو رد عليه المستأجر، ويجب على المستعير الرد عند طلب المالك إلا إذا حجر على المالك المعير فإنه لا يجوز الرد إليه بل إلى وليه. ولو استعار مصحفا أو عبدا مسلما من مسلم ثم ارتد وطلبه لم يجز الرد إليه. ثم شرع في أحكام العارية، وهي ثلاثة: الأول الضمان وقد ذكره بقوله: (إن تلفت) أي العين المستعارة عند المستعير (لا باستعمال) لها مأذون فيه، (ضمنها وإن لم يفطر) لقوله (ص) في الحديث المتقدم أول الباب: بل عارية مضمونة، ولأنه مال يجب رده لمالكه فيضمن عند تلفه كالمستام، فلو أعارها بشرط أن تكون أمانة لغا الشرط كما ذكره الشيخان ولم يتعرضا لصحتها ولا لفسادها. ومقتضى كلام الأسنوي صحتها، وإليه يومئ تعبيرهما بأن الشرط لغو.
فرع: لو أعار عينا بشرط ضمانها عند تلفها بقدر معين فسد الشرط دون العارية كما قاله المتولي، وإن قال الأذرعي فيه وقفة. وفي كيفية ضمان العارية خلاف ذكره المصنف آخر البا ب. وسكت عن ضمان الاجزاء إذا أتلفت، والأصح أنها كالعين، وقيل: لا يضمنها إلا بالتعدي. ولو استعار حمارة معها جحش فهلك لم يضمنه، لأنه إنما أخذه لتعذر حسبه عن أمه، وكذا لو استعارها فتبعها ولدها، ولم يتعرض المالك له بنفي ولا إثبات، فهو أمانة. قاله القاضي: ولو استعار عبدا عليه ثياب لم تكن مضمونة عليه لأنه لم يأخذها ليستعملها بخلاف إكاف الدابة، قاله البغوي في فتاويه. واستثنى من ضمان العارية مسائل منها جلد الأضحية المنذورة، فإن إعارته جائزة، ولا يضمنه المستعير إذا تلف في يده كما قاله القاضي والبلقيني لابتناء يده على يد من ليس بمالك. ومنها المستعار للرهن إذا تلف في يد المرتهن لا ضمان عليه ولا على المستعير كما تقدم في باب الرهن. ومنها لو استعار صيدا من محرم فتلف في يده لم يضمنه في الأصح. ومنها ما لو أعار الإمام شيئا من بيت المال لمن له حق في بيت المال فتلف في يد المستعير فلا ضمان، لكن قد تقدم أن هذا ليس بعارية ومثله لو استعار الفقيه كتابا موقوفا على المسلمين لأنه من جملة الموقوف عليهم، وقد أفتى الأذرعي بأن الفقيه لا يضمن الكتاب الموقوف على المسلمين إذا استعاره وتلف في يده من غير تفريط. ومنها ما لو أصدق زوجته منفعة أو صالح على منفعة أو جعل رأس مال السلم منفعة، فإنه إذا أعارها مستحق المنفعة شخصا فتلفت تحت يد لم يضمن على الأصح.
(والأصح أنه) أي المستعير، (لا يضمن ما ينمحق) أي يتلف بالكلية، (أو ينسحق) أي ينقص كما في المحرر، (باستعمال) مأذون فيه لحدوث عن سبب مأذون فيه، فأشبه قوله: اقتل عبدي أو اقطع يده. والثاني: يضمن لحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه فإذا تعذر الرد ضمنه. (والثالث) وهو من زيادة المصنف: (يضمن المنمحق) دون المنسحق، لأن مقتضى الإعارة الرد ولم يوجد في المنمحق فيضمنه بخلاف المنسحق.
تنبيه: تلف الدابة بركوب أو حمل معتادين كالانمحاق وتعيبها بذلك كالانسحاق. ولو أعار سيفا يقاتل به فانكسر في القتال لم يضمنه كانسحاق الثوب، قاله الصيمري. ويستثنى الهدي والأضحية المنذوران يجوز إعارتهما. قال في أصل الروضة في الأضحية: وإن نقصا بذلك ضمن اه‍. فإن أراد المستعير فهو صريح في الاستثناء، وإن أراد المعير لزم منه ضمان المستعير أيضا. وصرح الزركشي أيضا بضمان المعير، ثم قال: وليس لنا عارية جائزة مع العلم بالحال يضمن المعير فيها
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429