مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٦٥
يكون أهلا للتبرع عليه بعقد فلا تصح لمن لا عبارة له كصبي ومجنون وبهيمة كما لا تصح الهبة منهم. قال في المهمات:
وقضية ذلك صحة استعارة السفيه، إذ الصحيح صحة قبوله الهبة والوصية، لكن كيف تصح استعارته مع أنها مضمونة لا جرم جزم الماوردي وغيره بعدم صحتها اه‍. وقضيته صحتها منه، ومن المجنون والصبي بعقد وليهما إذا لم تكن مضمونة كأن استعار من مستأجر، وهو واضح. ثم شرع في شرط الركن الثالث، فقال: (و) شرط (المستعار كونه منتفعا به) فلا يعار ما لا ينفع كالحمار الزمن. وأما ما توقع نفعه في المستقبل كالجحش الصغير، فالذي يظهر فيه أن العارية إن كانت مطلقة أو مؤقتة بزمن يمكن الانتفاع به فيه صحت وإلا فلا، ولم أر من تعرض لذلك. فإن قيل: يشترط في الإجارة أن يكون النفع موجودا عند العقد. أجيب بأن تلك مقابلة بعوض، وليس هذه كذلك. وكان ينبغي أن يقول انتفاعا مباحا ليخرج ما ينتفع به انتفاعا محرما كآلات الملاهي فإنه لا تصح إعارته، وأن تكون منفعة قوية فلا يعار النقدان إذ منفعة التزيين بهما والضرب على طبعهما منفعة ضعيفة قل ما تقصد ومعظم منفعتهما في الانفاق والاخراج، نعم إن صرح بالتزيين أو الضرب على طبعهما، أنوى ذلك كما بحثه شيخنا صحت لاتخاذه هذه المنفعة مقصدا وإن ضعفت. وينبغي مجئ هذا الاستثناء في المطعوم بالآتي كما قاله بعض المتأخرين. (مع بقاء عينه) كالعبد والثوب، فلا يعار المطعوم ونحوه، فإن الانتفاع به إنما هو بالاستهلاك فانتفى المقصود من الإعارة. قال الأسنوي: ويدخل في الضابط ما لو استعار قيم المسجد أحجارا أو أخشابا يبني بها المسجد، مع أنه لا يجوز كما أفتى به البغوي، لأن حكم العواري جواز استردادها، والشئ إذا صار مسجدا لا يجوز استرداده. (وتجوز إعارة جارية لخدمة امرأة أو) ذكر (محرم) للجارية لعدم المحذور في ذلك، وفي معنى المرأة والمحرم المسموح وزوج الجارية ومالكها كأن يستعيرها من مستأجرها أو الموصى له بمنفعتها والشيخ الهرم، وكذا الطفل قياسا على ما سيأتي في غير المشتهاة، وكذا المريض إذا لم يجد من يخدمه غير المرأة فيجوز إعارة الجارية لخدمته. وخرج بذلك الذكر الأجنبي، فلا تجوز إعارتها له لخوف الفتنة إلا أن تكون صغيرة لا تشتهى أو قبيحة يؤمن من الأجنبي عليها، فلا يحرم كما في الروضة لانتفاء خوف الفتنة وإن رجح بعض المتأخرين المنع فيهما. وقال الأسنوي، الصواب الجواز في الصغيرة دون الكبيرة. قال الزركشي: ويلحق بالمشتهاة الأمرد الجميل لا سيما من عرف بالفجور.
قال الأذرعي: وفي جواز إعارة الأمة المسلمة للكافرة الأجنبية منها لخدمتها التي لا تنفك عن رؤيتها معها نظر. وقال الزركشي لا وجه لاستثناء الذمية، فإنه إنما يحرم نظر الزائد على ما يبدو في المهنة وفيما وراء ذلك يمكن معه الخدمة اه‍. وهذا أوجه.
قال الأسنوي: وسكتوا عن إعارة العبد للمرأة، وهو كعكسه بلا شك. ولو كان المستعير أو المعار خنثى امتنع احتياطا، والمفهوم من الامتناع فيه وفي الأمة الفساد كالإجارة للمنفعة المحرمة، وهو ما بحثه في أصل الروضة وهو المعتمد، وإن جزم ابن الرفعة بالصحة. فإن قيل: قد صرحوا بجواز إجارة الأمة المشتهاة والوصية بمنافعها للأجنبي فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن المستأجر والموصى له يملكان المنفعة فيعيران ويؤجران لمن يخلو بها إن امتنع عليهما الانتفاع بأنفسهما، والإعارة إباحة له فقط فإذا لم يستبح بنفسه لم يكن له فائدة. (ويكره) كراهة تنزيه كما جزم به الرافعي، (إعادة) وإجارة (عبد مسلم لكافر) لأن فيها امتهانا، وقيل: تحرم، واختاره السبكي. ويكره أن يستعير أو يستأجر أحد أبويه وإن علا للخدمة صيانة لهما عن الاذلال. نعم إن قصد باستعارته واستئجاره لذلك توقيره فلا كراهة فيهما بل هما مستحبان كما قاله القاضي أبو الطيب وغيره في صورة الاستعارة. وأما إعارة وإجارة الوالد نفسه لولده فليستا مكروهتين وإن كان فيهما إعانة على مكروه، قال القرافي: لأن نفس الخدمة غير مكروهة، وإنما كانت الكراهة في جانب الولد لمكان الولادة فلم تتعد لغيره بخلاف إعارة الصيد من المحرم، فإن العبادة يجب احترامها لحق الله تعالى، وهو شامل لكل مكلف. لو قال: أعرني دابة فقال: أدخل الدار فخذ ما أردت صحت الإعارة، فإنه لا يشترط تعيين المستعار عند الإعارة، وخالفت الإجارة
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429