مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢١٩
المرأة في طلاق غيرها، ومنها المرتد يجوز أن يكون وكيلا لغيره وإن لم يجز تصرفه في ماله واستثنى المتولي ما إذا حجر عليه وأقراه، وأما توكيله لغيره في التصرفات المالية فموقوف على الأظهر عندهما، وكذا انقطاع التوكيل إذا وكل ثم ارتد، وكذا كما في المهمات إنما يستقيم الوقف هنا على القديم القائل بوقف العقود، وجزم في المطلب بأن ردة الموكل عزل دون ردة الوكيل، وليس بظاهر بل الظاهر أنه ليس بعزل بناء على عدم زوال ملكه. ومنها توكيل المسلم كافرا في طلاق المسلمة، وقد يتصور وقوع طلاق كافر على مسلمة بأن تسلم أولا ويتخلف ثم يطلقها في العدة ثم يسلم قبل انقضائها، فإن طلاقه واقع عليها.
تنبيه: يشترط في الوكيل أيضا تعيينه، فلو قال لاثنين: وكلت أحدكما في بيع داري مثلا، أو قال: أذنت لكل من أراد بيع داري أن يبيعها لم يصح. نعم لو قال: وكلتك في بيع كذا مثلا وكل مسلم صح كم بحثه شيخنا، قال: وعليه العمل. ويشترط في وكيل القاضي أن يكون عدلا، وفي وكيل الولي في بيع مال المولي عدم الفسق. ويصح توكيل السكران بمحرم كسائر تصرفاته، بخلاف السكران بماء كدواء فإنه كالمجنون. ويصح توكيل المفلس ولو لزمته عهدة فيما وكل فيه كما يصح شراؤه.
مهمة: هل المراد في شرط الوكيل صحة مباشرته التصرف لنفسه في جنس ما وكل فيه في الجملة أو في عينه؟ خلاف، والأصح أن المراد صحة مباشرته لذلك الجنس وإن امتنع عليه الصرف لنفسه في بعض أفراده فيصح استثناء كثير من المسائل السابقة، ولذلك قال الزركشي: لا حاجة لاستثناء الأعمى من الضابط المتقدم، فإن الأعمى يصح بيعه في الجملة وهو السلم ويصح شراؤه نفسه فهو مالك لمطلق البيع والشراء، وإنما امتنع في الكل لأمر خارج، ألا ترى أن البصير لو ورث عينا غائبة فوكل في بيعها جاز وإن لم يصح منه البيع؟ ثم شرع في شروط الركن الثالث، وهو الموكل فيه، وله ثلاثة شروط بدأ بالشرط الأول منها فقال: (وشرط الموكل فيه أن يملكه الموكل) حين التوكيل، لأنه إذا لم يملكه كيف يأذن فيه.
تنبيه: قال الأذرعي: هذا فيمن يوكل في مال نفسه، وإلا فالولي والحاكم وكل من جوز ناله التوكيل في مال الغير لا يملكون الموكل فيه، فكان ينبغي أن يقول الموكل أو الموكل عنه. قال الغزي: وهو عجيب، لأن المراد التصرف الموكل فيه لا محل التصرف. قال بعض المتأخرين: بل ما قاله هو العجيب، بل المراد محل التصرف بلا شك بدليل ما سيأتي. وأما الكلام على التصرف الموكل فيه فقد مر أول الباب. (فلو وكل ببيع) أو إعتاق (عبد سيملكه وطلاق من سينكحها) وتزويج بنته: إذا انقضت عدتها أو طلقها زوجها، وقضاه دين سيلزمه، (بطل) أي لم يصح (في الأصح) لأنه إذا لم يباشر ذلك بنفسه حال التوكيل، فكيف يستنيب غيره؟ والثاني: يصح، ويكتفي بحصول الملك عند التصرف.
تنبيه: صورة مسألة الكتاب أن يفرد مالا يملكه كما يشعر به تعبيره، فإن جعله تبعا لحاضر كبيع مملوك وما سيملكه ففيه احتمالان للرافعي، والمنقول عن الشيخ أبي حامد وغيره الصحة كما لو وقف على ولده الموجود وما سيحدث له من الأولاد. ولو وكله ببيع عين يملكها وأن يشتري له بثمنها كذا فأشهر القولين صحة التوكيل بالشراء كما ذكره صاحب المطلب، وقياس ذلك صحة توكيله بطلاق من سينكحها تبعا لمنكوحته. ونقل ابن الصلاح عن الأصحاب أنه يصح التوكيل ببيع ثمرة شجرة قبل إثمارها، ويوجه بأنه مالك لأصلها، وأفتى بأنه إذا وكله في المطالبة بحقوقه دخل فيه ما يتجدد من هذه الحقوق. (و) الشرط الثاني: (أن يكون قابلا للنيابة) لأن الوكالة إنابة فما لا يقبلها كاستيفاء حق القسم بين الزوجات لا يقبل التوكيل. (فلا يصح في عبادة) لأن المقصود منها الابتلاء والاختبار بإتعاب النفس، وذلك لا يحصل بالتوكيل. (إلا بالحج) والعمرة عند العجز، (وتفرقة زكاة) وكفارة ونذر وصدقة، (وذبح) هدي وجبران وعقيقة،
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429