المرأة في طلاق غيرها، ومنها المرتد يجوز أن يكون وكيلا لغيره وإن لم يجز تصرفه في ماله واستثنى المتولي ما إذا حجر عليه وأقراه، وأما توكيله لغيره في التصرفات المالية فموقوف على الأظهر عندهما، وكذا انقطاع التوكيل إذا وكل ثم ارتد، وكذا كما في المهمات إنما يستقيم الوقف هنا على القديم القائل بوقف العقود، وجزم في المطلب بأن ردة الموكل عزل دون ردة الوكيل، وليس بظاهر بل الظاهر أنه ليس بعزل بناء على عدم زوال ملكه. ومنها توكيل المسلم كافرا في طلاق المسلمة، وقد يتصور وقوع طلاق كافر على مسلمة بأن تسلم أولا ويتخلف ثم يطلقها في العدة ثم يسلم قبل انقضائها، فإن طلاقه واقع عليها.
تنبيه: يشترط في الوكيل أيضا تعيينه، فلو قال لاثنين: وكلت أحدكما في بيع داري مثلا، أو قال: أذنت لكل من أراد بيع داري أن يبيعها لم يصح. نعم لو قال: وكلتك في بيع كذا مثلا وكل مسلم صح كم بحثه شيخنا، قال: وعليه العمل. ويشترط في وكيل القاضي أن يكون عدلا، وفي وكيل الولي في بيع مال المولي عدم الفسق. ويصح توكيل السكران بمحرم كسائر تصرفاته، بخلاف السكران بماء كدواء فإنه كالمجنون. ويصح توكيل المفلس ولو لزمته عهدة فيما وكل فيه كما يصح شراؤه.
مهمة: هل المراد في شرط الوكيل صحة مباشرته التصرف لنفسه في جنس ما وكل فيه في الجملة أو في عينه؟ خلاف، والأصح أن المراد صحة مباشرته لذلك الجنس وإن امتنع عليه الصرف لنفسه في بعض أفراده فيصح استثناء كثير من المسائل السابقة، ولذلك قال الزركشي: لا حاجة لاستثناء الأعمى من الضابط المتقدم، فإن الأعمى يصح بيعه في الجملة وهو السلم ويصح شراؤه نفسه فهو مالك لمطلق البيع والشراء، وإنما امتنع في الكل لأمر خارج، ألا ترى أن البصير لو ورث عينا غائبة فوكل في بيعها جاز وإن لم يصح منه البيع؟ ثم شرع في شروط الركن الثالث، وهو الموكل فيه، وله ثلاثة شروط بدأ بالشرط الأول منها فقال: (وشرط الموكل فيه أن يملكه الموكل) حين التوكيل، لأنه إذا لم يملكه كيف يأذن فيه.
تنبيه: قال الأذرعي: هذا فيمن يوكل في مال نفسه، وإلا فالولي والحاكم وكل من جوز ناله التوكيل في مال الغير لا يملكون الموكل فيه، فكان ينبغي أن يقول الموكل أو الموكل عنه. قال الغزي: وهو عجيب، لأن المراد التصرف الموكل فيه لا محل التصرف. قال بعض المتأخرين: بل ما قاله هو العجيب، بل المراد محل التصرف بلا شك بدليل ما سيأتي. وأما الكلام على التصرف الموكل فيه فقد مر أول الباب. (فلو وكل ببيع) أو إعتاق (عبد سيملكه وطلاق من سينكحها) وتزويج بنته: إذا انقضت عدتها أو طلقها زوجها، وقضاه دين سيلزمه، (بطل) أي لم يصح (في الأصح) لأنه إذا لم يباشر ذلك بنفسه حال التوكيل، فكيف يستنيب غيره؟ والثاني: يصح، ويكتفي بحصول الملك عند التصرف.
تنبيه: صورة مسألة الكتاب أن يفرد مالا يملكه كما يشعر به تعبيره، فإن جعله تبعا لحاضر كبيع مملوك وما سيملكه ففيه احتمالان للرافعي، والمنقول عن الشيخ أبي حامد وغيره الصحة كما لو وقف على ولده الموجود وما سيحدث له من الأولاد. ولو وكله ببيع عين يملكها وأن يشتري له بثمنها كذا فأشهر القولين صحة التوكيل بالشراء كما ذكره صاحب المطلب، وقياس ذلك صحة توكيله بطلاق من سينكحها تبعا لمنكوحته. ونقل ابن الصلاح عن الأصحاب أنه يصح التوكيل ببيع ثمرة شجرة قبل إثمارها، ويوجه بأنه مالك لأصلها، وأفتى بأنه إذا وكله في المطالبة بحقوقه دخل فيه ما يتجدد من هذه الحقوق. (و) الشرط الثاني: (أن يكون قابلا للنيابة) لأن الوكالة إنابة فما لا يقبلها كاستيفاء حق القسم بين الزوجات لا يقبل التوكيل. (فلا يصح في عبادة) لأن المقصود منها الابتلاء والاختبار بإتعاب النفس، وذلك لا يحصل بالتوكيل. (إلا بالحج) والعمرة عند العجز، (وتفرقة زكاة) وكفارة ونذر وصدقة، (وذبح) هدي وجبران وعقيقة،