الغرر، ولو قال: بع أو أوهب مالي، أو اقض من ديوني ما شئت أو أعتق، أو بع من عبيدي من شئت، صح في البعض لا في الجميع فلا يأتي الوكيل بالجميع، لأن من للتبعيض. فإن قيل: لو قال للوكيل: طلق من نسائي من شاءت فله أن يطلق كل من شاءت الطلاق، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن المشيئة في هذه مستندة إلى كل منهن فلا تصدق مشيئة واحدة بمشيئة غيرها، فكان ذلك في معنى أي امرأة شاءت منهن الطلاق طلقها، بخلافها فيما مر فإنها مستندة إلى الوكيل فصدقت مشيئته فيما لا يستوعب الجميع فلا يتمكن من مشيئته فيما يستوعبه احتياطا. ولو قال: تزوج لي من شئت صح، كما لو قال : بع من مالي ما شئت، ولو قال: أبرئ فلانا عما شئت من مالي صح وليبق منه شيئا، أو عن الجميع، فأبرأه عنه أو عن بعضه صح، أو أبرئه عن شئ منه أبرأه عن أقل ما يطلق عليه الاسم كما قاله المتولي. ويكفي في صحة الوكالة بالابراء علم الموكل بقدر الدين وإن جهله الوكيل والمديون. (وإن وكله في شراء عبد وجب بيان نوعه) كتركي أو هندي. ولا يكفي ذكر الجنس كعبد لاختلاف الأغراض بذلك، وإن تباينت أوصاف نوع وجب بيان الصنف كخطابي وقفجاقي. ولا يشترط استيفاء أوصاف السلم ولا ما يقرب منها اتفاقا. وإن وكله في شراء رقيق وجب مع بيان النوع ذكر الذكورة والأنوثة تقليلا للغرر فإن الأغراض تختلف بذلك، ولو قال: اشتر لي عبدا كما تشاء لم تصح لكثرة الغرر. (أو) في (دار وجب بيان المحلة) أي الحارة (والسكة) بكسر السين: أي الزقاق، والعلم بالبلد ونحوها من ضرورة ذلك. وفي شراء الحانوت يبين السوق ليقل الغرر، وقس على ذلك. هذا كله إذا لم يكن للتجارة وإلا فلا يجب فيه ذكر نوع ولا غيره، بل يكفي اشتر ما شئت من العروض أو ما فيه حظ كما صرح به الماوردي والمتولي واقتضاه كلام الرافعي. ولو وكله أن يزوجه امرأة ولم يعينها لم يصح التوكيل، صرح به في الروضة في هذا الباب، بخلاف ما لو قال: زوجني من شئت فإنه يصح كما صرح به في الروضة في باب النكاح، كما في الوكالة بشراء عبد لم يصفه، بخلاف الأول فإنه مطلق ودلالة العام على إفراده ظاهرة، بخلاف المطلق لا دلالة له على فرد، فلا تناقض في عبارته كما ادعاه بعضهم. و (لا) يجب بيان (قدر الثمن في الأصح) فيما ذكر، لأن غرضه قد يتعلق بواحد من ذلك النوع نفيسا كان أو خسيسا، وقال في التهذيب: يكون إذنا في أعلى ما يكون منه. والثاني: يجب بيان قدره كمائة، أو غايته كأن يقول: من مائة إلى ألف لظهور التفاوت. ثم شرع في الركن الرابع وهو الصيغة، فقال: (ويشترط) في الصيغة (من الموكل لفظ) ولو كناية (يقتضي رضاه) وفي معناها ما مر في الضمان، (كوكلتك في كذا أو فوضته إليك أو أنت وكيلي فيه) أو أقمتك مقامي، أو أنبتك، كما يشترط الايجاب في سائر العقود، لأن الشخص ممنوع من التصرف في مال غيره إلا برضاه. (فلو قال بع أو أعتق حصل الاذن) لأنه أبلغ مما سبق وإن كان كما قال الرافعي لا يسمى إيجابا وإنما هو قائم مقامه، وإليه يشير قول المصنف: حصل الاذن. (ولا يشترط القبول) من الوكيل (لفظا) لأن التوكيل إباحة ورفع حجر فأشبه إباحة الطعام. وعلى هذا لا يشترط في صحة الوكالة علم الوكيل بها، فلو تصرف قبل علمه فكبيع مال مورثه ظانا حياته فبان ميتا. (وقيل: يشترط) فيه كغيره. (وقيل: يشترط في صيغ العقود كوكلتك، دون صيغ الامر كبيع وأعتق) إلحاقا لصيغ العقد بالعقود والامر بالإباحة.
تنبيه: قد يشترط على الأول القبول لفظا فيما لو كان الانسان عين معارة أو مستأجرة أو مغصوبة فوهبها لآخر فقبلها وأذن له في قبضها، ثم إن الموهوب له وكل في قبضها المستعير أو المستأجر أو الغاصب، اشترط قبوله لفظا، ولا يكفي الفعل وهو الامساك لأنه استدامة لما سبق، فلا دلالة فيه على الرضا بقبضه عن الغير. واحترز بقوله: (لفظا) عن القبول معنى،