مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٨
به الماوردي فإن كلاهما وثيقة. أجيب بأن الشرط في المرهون إذا كان ينفع الراهن ويضر بالمرتهن أو بالعكس لم يصح، وهذا الضرر حاصل للراهن إما بحبس المرهون حتى يحل الدين وإما بيعه في الحال قبل حلوله. (وللمستحق) أي المضمون له أو وارثه، مطالبة الضامن والأصيل) بالدين اجتماعا وانفرادا، أو يطالب أحدهما ببعضه والآخر بباقيه. أما الضامن فلحديث:
الزعيم غارم، وأما الأصيل فلان الدين باق عليه. فإن قيل: يلزم من مطالبتهما أنه إذا كان له مائة أنه يطالب بمائتين لأنه يطالب كل منهما بمائة، وذلك ممنوع. أجيب بأن الممنوع ليس في المطالبة إنما الممنوع في المرتب عليها وهو الاخذ وليس له إلا أخذ أحدهما، والتحقيق أن الدين الذي على الضامن هو الذي على الأصيل لا غيره والذمتان مشغولتان به كالرهنين بدين واحد. قال الماوردي: ولو أفلس الضامن والمضمون عنه، فقال الضامن للحاكم: بع أولا مال المضمون عنه وقال المضمون له: أريد أن أبيع مال أيكما شئت. قال الشافعي: إن كان الضمان بالاذن أجيب الضامن وإلا فالمضمون له.
وإذا رهن رهنا وأقام ضامنا خير المستحق بين بيع الرهن ومطالبة الضامن على الصحيح.
تنبيه: قد يقتضي كلام المصنف أنه لو قال رجلان لآخر ضمنا مالك على زيد وهو ألف مثلا أنه يطالب كل منهما بجميع الألف. وفي المسألة وجهان: أحدهما هذا وصححه المتولي، كما لو قالا: رهنا عبدنا هذا بالألف الذي لك على فلان فإن حصة كل منهما رهن بجميع الألف. والثاني: أنه لا يطالبه إلا بالنصف فقط، وصححه الماوردي والبندنيجي، كما لو قالا: اشترينا عبدك بألف، وصوب الأول السبكي وقال: لأن الضمان توثقه كالرهن. قال المتولي: ويخالف الشراء لأن الثمن عوض الملك، فبقدر ما يحصل للمشتري من الملك يجب عليه من الثمن بخلاف الضمان لا معاوضة فيه. وقال الأذرعي: القلب إلى الثاني أميل لأنه المتيقن وشغل ذمة كل واحد بالزائد مشكوك فيه اه‍. واختلف أيضا علماء عصرنا في الافتاء في ذلك، وأنا أقول كما قال الأذرعي. وتعبير المصنف بالمستحق أعم من تعبير أصله والروضة بالمضمون له فإنه يشمل الوارث كما قررت به كلامه، لكنه قد يدخل فيه المحتال مع أنه لا يطالب الضامن، لأن ذمته قد برئت بالحوالة، ولو ضمن الضامن آخر والآخر آخر وهكذا، طالب المستحق الجميع. (والأصح أنه لا يصح) الضمان (بشرط براءة الأصيل) لمنافاة الشرط لمقتضى الضمان، وكذا لو ضمن بشرط براءة ضامن قبله أو كفل بشرط براءة كافل قبله. والثاني: يصح الضمان والشرط، لما رواه جابر في قصة أبي قتادة للميت قال: فجعل النبي (ص) يقول: هما عليك وفي مالك والميت منهما برئ. فقال: نعم، فصلى عليه. قال الحاكم: صحيح الاسناد. وأجاب الأول بأن المراد بقوله: برئ إنما في المستقبل. والثالث: يصح الضمان فقط، ويبطل الشرط كما لو أعتق عبدا بشرط أن يعطيه شيئا.
(ولو أبرأ) المستحق (الأصيل) من الدين (برئ الضامن) منه لسقوطه (ولا عكس) أي لو أبرأ الضامن لم يبرأ الأصيل لأنه اسقاط وثيقة فلا يسقط بها الدين كفك الرهن، نعم يبرأ معه من بعده من الملتزمين لأنه فرعه فيبرأ ببراءته دون من قبله.
تنبيه: في معنى الابراء أداء الدين والاعتياض والحوالة به وعليه، وقول ابن الملقن: لو عبر بقوله برئ كان أشمل، لم يصح في قوله، ولا عكس فإنه لو برئ الكفيل بالأداء برئ الأصيل، فالابراء في الثانية متعين. (ولو مات أحدهما) والدين مؤجل (حل عليه) لخراب ذمته، وكذا لو استرق (دون الآخر) فلا يحل عليه لأنه يرتفق بالأجل.
فإن كان الميت الأصيل فللضامن أن يطالب المستحق بأخذ الدين من تركته أو إبرائه هو لأن التركة قد تهلك فلا يجد مرجعا إذا غرم، وإن كان الميت الضامن وأخذ المستحق الدين من تركته لم يكن لورثته الرجوع على المضمون عنه الآذن في الضمان قبل حلول الأجل.
تنبيه: محل ما ذكره المصنف إذا كان الضمان في الذمة، فإن كان عينا معينة كما لو أعاره عينا ليرهنها وقلنا بالصحيح أنه ضمان دين في رقبة ذلك الشئ فمات المعير لا يحل الدين كما قاله ابن الصلاح في فتاويه، قال: وإنما يحل الدين
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429