الموكل وقد امتنع إيقاعه له فألغي. (وإن قال بعت موكلك زيدا، فقال اشتريت له، فالمذهب بطلانه أي العقد، لأنه لم يجر بين المتعاقدين مخاطبة، ولم يصرح في الروضة ولا أصلها بمقابل المذهب. ويؤخذ من هذا التعليل أن ذلك في موافق الاذن وفي الكفاية حكاية وجهين في المسألة، وفي المطلب: لو قال بعتك لموكلك فلان، فقال: قبلت له صح جزما، أو بعتك لنفسك وإن كنت تشتريه للغير فلا أبيعه لك فاشتراه للغير لم يصح بلا خلاف. ولو لم يصرح البائع بلفظ الموكل بل باسمه فقال: بعت زيدا، فقال المشتري: اشتري له ونوياه فكالتعبير بالموكل.
تنبيه: قضية كلام المصنف عدم وجوب تسمية الموكل في العقد، ويستثنى من ذلك مسائل: منها ما إذا وكل شخص عبدا أن يشتري نفسه من سيده، فيجب أن يقول: اشتريت نفسي منك لموكلي، لأن قوله: اشتريت نفسي صريح في اقتضاء العتق فلا يندفع بمجرد النية، ومنها ما إذا وكل العبد أجنبيا في شراء نفسه من سيده، فإنه يجب تصريحه بإضافته إلى العبد، فلو أطلق ونوى وقع للوكيل، لأن المالك قد لا يرضى بعقد يتضمن الاعتاق قبل قبض الثمن. ومنها ما لو قال:
اشتر لي عبد فلان بثوبي هذا مثلا ففعل. ومنها وكيل المتهب يجب أن يسميه في القبول وإلا فيقع العقد له لجريان الخطاب معه بغير ذكر الموكل، ولا تكفي النية في وقوع العقد لموكله لأن الواهب قد يسمح بالتبرع له دون غيره. نعم إن نواه الواهب أيضا وقع عنه كما بحثه الأذرعي وغيره. قال الزركشي: وقياس ما ذكر في الهبة يجري مثله في الوقف والوصية والإعارة والرهن والوديعة وغيرها مما لا عوض فيه اه. ولا ينحصر ذلك فيما لا عوض فيه كما يعلم مما تقدم.
ومنها وكيل النكاح كما سيأتي إن شاء الله تعالى في بابه. ثم شرع في الحكم الثاني من أحكام الوكالة وهو الأمانة، فقال:
(ويد الوكيل يد أمانة وإن كان بجعل) لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف فكانت يده كيده، وإن الوكالة عقد إرفاق ومعونة والضمان مناف لذلك ومنفر عنه فلا يضمن ما تلف في يده بلا تعد. (فإن تعدى) في العين بلبس أو ركوب أو نحو ذلك، (ضمن) بخلاف ما لو تلف بلا تعد كغيره من الامناء فيهما. ومن التعدي أن يضيع منه ولا يدري كيف ضاع، وكذا لو وضعه في موضع ثم نسيه. وهل يضمن بتأخير ما وكل في بيعه؟ وجهان: أوجههما كما قال بعض المتأخرين عدم الضمان. (ولا ينعزل) بالتعدي (في الأصح) لأن الوكالة إذن في التصرف والأمانة حكم يترتب عليها، ولا يلزم من ارتفاعها ارتفاع أصلها كالرهن. والثاني: ينعزل كالمودع. وأجاب الأول بأن الوديعة ائتمان محض. نعم إن كان وكيلا لولي أو وصي فالمتجه كما قال الأذرعي وغيره انعزاله كالوصي بفسق، إذ لا يجوز إبقاء ماله بيد غير عدل. فإن قيل: هذا مردود لأن الفسق لا يمنع الوكالة وإن منع الولاية ولكن الممنوع إبقاء المال بيده. أجيب بأن هذا هو المردود، فإن الأول هو المنقول، فإنهم قالوا الوكيل ينعزل بالفسق فيما العدالة شرط فيه.
تنبيه: محل الوجه الثاني إذا تعدى بالفعل، فإن تعدى بالقول كما لو باع بغبن فاحش ولم يسلم لا ينعزل جزما لأنه لم يتعد فيما وكل فيه. وعلى الأول: لو باع وسلم بالمبيع زال الضمان عنه لأنه أخرجها من يده بإذن مالكها، ولا يضمن الثمن لأنه لم يتعد فيه، ولو رد المبيع عليه بعيب عاد الضمان لعود اليد. فإن قيل: هذا إنما يأتي إذا قلنا إن الفسخ يرفع العقد من أصله لا من حينه، والمعتمد أنه يرفعه من حينه لا من أصله فلا يعود الضمان؟ أجيب بأن المعتمد عود الضمان والفسخ وأن رفع العقد من حينه لا من أصله لا يقطع النظر عن أصله بالكلية وتقدم أنه لو تعدى بسفره بما وكل فيه وباعه فيه ضمن ثمنه، وإن تسلمه وعاد من سفره فيكون مستثنى مما مر. ولو امتنع الوكيل من التخلية بين الموكل والمال ضمن إن لم يكن عذر كالمودع، فإن كان له عذر: ككونه مشغولا بطعام لم يضمن. ثم شرع في الحكم الثالث من أحكام الوكالة وهو العهدة، فقال: (وأحكام العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل، فيعتبر في الرؤية ولزوم