مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٣٠
الموكل وقد امتنع إيقاعه له فألغي. (وإن قال بعت موكلك زيدا، فقال اشتريت له، فالمذهب بطلانه أي العقد، لأنه لم يجر بين المتعاقدين مخاطبة، ولم يصرح في الروضة ولا أصلها بمقابل المذهب. ويؤخذ من هذا التعليل أن ذلك في موافق الاذن وفي الكفاية حكاية وجهين في المسألة، وفي المطلب: لو قال بعتك لموكلك فلان، فقال: قبلت له صح جزما، أو بعتك لنفسك وإن كنت تشتريه للغير فلا أبيعه لك فاشتراه للغير لم يصح بلا خلاف. ولو لم يصرح البائع بلفظ الموكل بل باسمه فقال: بعت زيدا، فقال المشتري: اشتري له ونوياه فكالتعبير بالموكل.
تنبيه: قضية كلام المصنف عدم وجوب تسمية الموكل في العقد، ويستثنى من ذلك مسائل: منها ما إذا وكل شخص عبدا أن يشتري نفسه من سيده، فيجب أن يقول: اشتريت نفسي منك لموكلي، لأن قوله: اشتريت نفسي صريح في اقتضاء العتق فلا يندفع بمجرد النية، ومنها ما إذا وكل العبد أجنبيا في شراء نفسه من سيده، فإنه يجب تصريحه بإضافته إلى العبد، فلو أطلق ونوى وقع للوكيل، لأن المالك قد لا يرضى بعقد يتضمن الاعتاق قبل قبض الثمن. ومنها ما لو قال:
اشتر لي عبد فلان بثوبي هذا مثلا ففعل. ومنها وكيل المتهب يجب أن يسميه في القبول وإلا فيقع العقد له لجريان الخطاب معه بغير ذكر الموكل، ولا تكفي النية في وقوع العقد لموكله لأن الواهب قد يسمح بالتبرع له دون غيره. نعم إن نواه الواهب أيضا وقع عنه كما بحثه الأذرعي وغيره. قال الزركشي: وقياس ما ذكر في الهبة يجري مثله في الوقف والوصية والإعارة والرهن والوديعة وغيرها مما لا عوض فيه اه‍. ولا ينحصر ذلك فيما لا عوض فيه كما يعلم مما تقدم.
ومنها وكيل النكاح كما سيأتي إن شاء الله تعالى في بابه. ثم شرع في الحكم الثاني من أحكام الوكالة وهو الأمانة، فقال:
(ويد الوكيل يد أمانة وإن كان بجعل) لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف فكانت يده كيده، وإن الوكالة عقد إرفاق ومعونة والضمان مناف لذلك ومنفر عنه فلا يضمن ما تلف في يده بلا تعد. (فإن تعدى) في العين بلبس أو ركوب أو نحو ذلك، (ضمن) بخلاف ما لو تلف بلا تعد كغيره من الامناء فيهما. ومن التعدي أن يضيع منه ولا يدري كيف ضاع، وكذا لو وضعه في موضع ثم نسيه. وهل يضمن بتأخير ما وكل في بيعه؟ وجهان: أوجههما كما قال بعض المتأخرين عدم الضمان. (ولا ينعزل) بالتعدي (في الأصح) لأن الوكالة إذن في التصرف والأمانة حكم يترتب عليها، ولا يلزم من ارتفاعها ارتفاع أصلها كالرهن. والثاني: ينعزل كالمودع. وأجاب الأول بأن الوديعة ائتمان محض. نعم إن كان وكيلا لولي أو وصي فالمتجه كما قال الأذرعي وغيره انعزاله كالوصي بفسق، إذ لا يجوز إبقاء ماله بيد غير عدل. فإن قيل: هذا مردود لأن الفسق لا يمنع الوكالة وإن منع الولاية ولكن الممنوع إبقاء المال بيده. أجيب بأن هذا هو المردود، فإن الأول هو المنقول، فإنهم قالوا الوكيل ينعزل بالفسق فيما العدالة شرط فيه.
تنبيه: محل الوجه الثاني إذا تعدى بالفعل، فإن تعدى بالقول كما لو باع بغبن فاحش ولم يسلم لا ينعزل جزما لأنه لم يتعد فيما وكل فيه. وعلى الأول: لو باع وسلم بالمبيع زال الضمان عنه لأنه أخرجها من يده بإذن مالكها، ولا يضمن الثمن لأنه لم يتعد فيه، ولو رد المبيع عليه بعيب عاد الضمان لعود اليد. فإن قيل: هذا إنما يأتي إذا قلنا إن الفسخ يرفع العقد من أصله لا من حينه، والمعتمد أنه يرفعه من حينه لا من أصله فلا يعود الضمان؟ أجيب بأن المعتمد عود الضمان والفسخ وأن رفع العقد من حينه لا من أصله لا يقطع النظر عن أصله بالكلية وتقدم أنه لو تعدى بسفره بما وكل فيه وباعه فيه ضمن ثمنه، وإن تسلمه وعاد من سفره فيكون مستثنى مما مر. ولو امتنع الوكيل من التخلية بين الموكل والمال ضمن إن لم يكن عذر كالمودع، فإن كان له عذر: ككونه مشغولا بطعام لم يضمن. ثم شرع في الحكم الثالث من أحكام الوكالة وهو العهدة، فقال: (وأحكام العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل، فيعتبر في الرؤية ولزوم
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429