مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢١٥
فاحش) كالوكيل. فلو خالف في ذلك لم يصح تصرفه في نصيب شريكه ويصح في نفسه فتنفسخ الشركة في المشتري أو في المبيع ويصير مشتركا بين البائع أو المشتري والشريك، فإن اشترى بالغبن في الذمة اختص الشراء به فيزن الثمن من ماله. (ولا يسافر به) أي المال المشترك لما في السفر من الخطر، فإن سافر ضمن، فإن باع صح البيع وإن كان ضامنا. نعم إن عقد الشركة بمفازة لم يضمن بالسفر إلى مقصده لأن القرينة قاضية بذلك. ومثل ذلك كما قاله بعض المتأخرين ما لو جلا أهل بلد لقحط أو عدو ولم تمكنه مراجعة الشريك أن له السفر بالمال بل يجب عليه. (ولا يبعضه) بضم الياء المثناة من تحت وسكون الموحدة: أي يدفعه لمن يعمل فيه متبرعا، لأنه لم يرض بغير يده فإن فعل ضمن.
هذا كله إن فعله (بغير إذن) من شريكه لما مر أنها في الحقيقة توكيل وتوكل، فإن أذن له في شئ مما مر ذكره جاز. نعم لا يستفيد بمجرد الاذن في السفر ركوب البحر بل لا بد من التنصيص عليه كنظيره في القراض، وسيأتي في الوكالة أنه لو قال الموكل للوكيل: بع بكم شئت أن له البيع بالغبن الفاحش، ولا يجوز بالنسيئة ولا بغير نقد البلد، أو قال له: بع بما شئت فله البيع بغير نقد البلد، ولا يجوز بالغبن ولا بالنسيئة، ولو قال: كيف شئت فله البيع بالنسيئة، ولا يجوز بالغبن ولا بغير نقد البلد، فيأتي مثل ذلك هنا. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى أن عقد الشركة جائز من الطرفين بقوله:
(ولكل) من الشريكين (فسخه متى شاء) كالوكالة، (وينعزلان عن التصرف) جميعا (بفسخهما أي بفسخ كل منهما. (فإن) لم يفسخا ولا أحدهما، ولكن (قال أحدهما) للآخر: (عزلتك أو لا تتصرف في نسيبي) انعزل المخاطب، و (لم ينعزل العازل) فيتصرف في نصيب المعزول، لأن العازل لم يمنعه أحد بخلاف المخاطب، فإن أراد المخاطب عزله فليعزله. (وتنفسخ بموت أحدهما وبجنونه وبإغمائه) كالوكالة، ولا ينتقل الحكم في الثالثة عن المغمى عليه لأنه لا يولي عليه، فإذا أفاق تخير بين القسمة واستئناف الشركة ولو بلفظ التقرير إن كان المال عرضا. واستثنى في البحر إغماء لا يسقط به فرض الصلاة فلا فسخ به لأنه خفيف، قاله ابن الرفعة. وظاهر كلامهم خلافه. وعلى ولي الوارث غير الرشيد في الأولى والمجنون في الثانية استئنافها لهما ولو بلفظ التقرير عند الغبطة فيها بخلاف ما إذا انتفت الغبطة فعليه القسمة. أما إذا كان الوارث رشيدا فيتخير بين القسمة واستئناف الشركة إن لم يكن على الميت دين ولا وصية، وإلا فليس له ولا لولي غير الرشيد استئنافها إلا بعد قضاء دين أو وصية لغير معين كالفقراء، لأن المال حينئذ كالمرهون، والشركة في المرهون باطلة ، فإن كانت الوصية لمعين فهو كأحد الورثة فيفصل فيه بين كونه رشيدا أو غير رشيد. وتنفسخ أيضا بطرق الحجر بالسفه والفلس في كل تصرف لا ينفذ منها كنظيره في الوكالة، وتنفسخ بطرق الاسترقاق والرهن كما بحثه الأسنوي. (والربح والخسران على قدر المالين) باعتبار القيمة لا الاجزاء شرطا ذلك أو لا، (تساويا) أي الشريكان (في العمل أو تفاوتا) فيه، لأن ذلك ثمرتهما فكان على قدرهما، كما لو كان بينهما شجرة فأثمرت أو شاة فنتجت. (فإن شرطا خلافه) بأن شرط التساوي في الربح والخسران مع التفاضل في المالين، أو التفاضل في الربح والخسران مع التساوي في المالين، (فسد العقد) لأنه مخالف لموضوع الشركة. ولو شرطا زيادة في الربح للأكثر منهما عملا بطل الشرط، كما لو شرطا التفاوت في الخسران (فيرجع كل) منهما (على الآخر بأجرة عمله في ماله) أي الآخر كالقراض إذا فسد، وكذا يجب لكل منهما ذلك عند فساد الشركة بغير ما ذكر.
تنبيه: يرد على إطلاق المصنف ما لو تساويا في المال وتفاوتا في العمل، وشرط الأقل للأكثر عملا لم يرجع بالزائد على الأصح لأنه عمل متبرعا. ولو تساويا في أجرة العمل وقع التقاص في الجميع إن تساويا في المال أيضا وفي بعضه إن
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429