مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢١٢
بل هي في الحقيقة وكالة وتوكيل كما يؤخذ مما سيأتي. (هي) أي الشركة من حيث هي (أنواع) أربعة: الأول: (شركة الأبدان كشركة الحمالين وسائر المحترفة) كالخياطين والنجارين والدلالين. (ليكون بينهما كسبهما) بحرفتيهما، (متساويا ومتفاوتا مع اتفاق الصنعة) كنجار ونجار. (أو اختلافها) كخياط ونجار. (و) الثاني: (شركة المفاوضة) بفتح الواو، بأن يشتركا (ليكون بينهما كسبهما) قال الشيخ في التنبيه: بأموالهما وأبدانهما. (وعليهما ما يعرض) بكسر الراء، (من غرم) سواء أكان بغصب أم بإتلاف أم ببيع فاسد. وسميت مفاوضة من تفاوضا في الحديث: شرعا فيه جميعا. وقيل: من قولهم قوم فوضى بفتح الفاء:
أي مستوون. (و) الثالث: (شركة الوجوه بأن يشترك الوجيهان) عند الناس (ليبتاع كل منهما بمؤجل) ويكون المبتاع (لهما، فإذا باعا كان الفاضل عن الأثمان) المبتاع بها (بينهما) أو أن يتفق وجيه وخامل على أن يشتري الوجيه في الذمة ويبيع الخامل ويكون الربح بينهما، أو على أن يعمل الوجيه والمال للخامل وهو في يده والربح بينهما. قال في أصل الروضة:
ويقرب منه ما ذكره الغزالي أن يدفع خامل مالا إلى وجيه ليبيعه بزيادة ويكون له بعض الربح. وأشهر هذه التفاسير الثلاثة الأول. (وهذه الأنواع) الثلاثة (باطلة). أما الأول، وهي شركة الأبدان، فلعدم المال فيها ولما فيها من الغرر، إذ لا يدري أن صاحبه يكسب أم لا، ولان كل واحد منهما متميز ببدنه ومنافعه فيختص بفوائده، كما لو اشتركا في ماشيتهما وهي متميزة، ويكون الدر والنسل بينهما، وقياسا على الاحتطاب والاصطياد. وأما الثاني وهي شركة المفاوضة فلاشتمالها على أنواع من الغرر، ولهذا قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة فلا باطل أعرفه في الدنيا.
أشار إلى كثرة الغرر والجهالات فيها. نعم إن أراد كل منهما بلفظ المفاوضة شركة العنان، كأن قالا: تفاوضنا أو اشتركنا شركة عنان جاز بناء على صحة العقود بالكنايات. وأما الثالث وهي شركة الوجوه، فلعدم المال المشترك فيها الذي يرجع إليه عند انفساخ العقد ثم ما يشتريه أحدهما في التصوير الأول، والثاني: ملكه له ربحه وعليه خسرانه، وفي التصوير الثالث قراض فاسد لاستبداد المالك باليد. نعم إن وكل أحدهما الآخر أن يشتري عينا، وقصد المشتري الشراء لهما، فإنهما يصيران شريكين في العين المأذون فيها، ولو حصل شئ في النوعين الأولين من اكتساب المشتركين له منفردين أو مجتمعين فإنه يقسم على أجرة المثل لا بحسب الشرط كما صرح به في أصل الروضة في الأول، واقتضاه كلامه في الثاني. (وشركة العنان صحيحة) بالاجماع، وهي أن يشتركا في مال لهما ليتجرا فيه على ما سيأتي بيانه. العنان بكسر العين من عن الشئ ظهر، إما لأنها أظهر الأنواع، أو لأنه ظهر لكل من الشريكين مال الآخر، أو من عنان الدابة، قال السبكي: وهو المشهور.
وإما لاستواء الشريكين في ولاية الصرف والفسخ واستحقاق الربح بقدر المالين كاستواء طرفي العنان، أو لمنع كل منهما الآخر التصرف كما شاء كمنع العنان الدابة، أو لمنع الشريك نفسه من التصرف في المشترك وهو يطلق التصرف في سائر أمواله كمنع الآخذ لعنان الدابة إحدى يديه من استعمالها كيف شاء ويده الأخرى مطلقة يستعملها كيف شاء.
وقيل: من عن الشئ عرض، لأن كلا منهما قد عرض له أن يشارك الآخر. وقيل: بفتح العين من عنان السماء: أي سحابه، لأنها علت كالسحاب بصحتها وشهرتها، ولهذا اتفقوا على صحتها كما مر. ونقل الأسنوي عن القاضي عياض أنها بالفتح أيضا من عن إذا ظهر. وأركانها ثلاثة: صيغة وعاقدان ومال، وزاد بعضهم رابعا وهو العمل. وبدأ المصنف منها بالصيغة معبرا عنها بالشرط كما تقدم مثل ذلك في البيع فقال: (ويشترط فيها) أي شركة العنان صيغة، وهي (لفظ
(٢١٢)
مفاتيح البحث: المنع (2)، البيع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429