من جمعة أخرى. وأما الطلاق فلو وكل به في وقت معين فطلق قبله لم يقع أو بعده فكذا على المعتمد، مراعاة لتخصيص الموكل كما صرح به في الروضة في كتا ب الطلاق نقلا عن البوشنجي، وأشار إليه هنا بعد نقله عن الداركي أنه يقع بعده لا قبله لأن المطلقة فيه مطلقة بعده لا قبله، وما قاله الداركي غريب مخالف لنظائره. وأما المكان فإن ظهر له الغرض في تعيينه لكون الراغبين فيه أكثر أو النقد فيه أجود فواضح، وإلا فقد يكون له فيه غرض خفي لا يطلع عليه. وتعيينه إذا لم يكن للموكل غرض ظاهر هو المعتمد كما رجحه الشيخان، ولذلك قال: (وفي المكان وجه إذا لم يتعلق به غرض) صحيح أنه لا يتعين، وإن قال الأسنوي إنه الراجح فقد نص عليه الشافعي وجمع، وقال الزركشي: نص عليه الشافعي وجمهور الأصحاب. وعلى الأول محله إذا لم يقدر الثمن، فإن قدره لم يتعين المكان إلا إن نهاه عن البيع في غيره فيتعين البيع فيه، وإن عين للبيع بلدا أو سوقا فنقل الموكل فيه إلى غيره ضمن الثمن والمثمن وإن قبضه وعاد به، كنظيره من القراض للمخالفة. قال في أصل الروضة: بل لو أطلق التوكيل في البيع في بلد فليبع فيه، فإن نقله ضمن.
تنبيه: في عبارة المصنف تساهل، فإن كان يحكي بها لفظ الموكل فيكون قوله معين من تتمة لفظ الموكل فمدلوله: بع من معين لا مبهم، وكذا القول في الزمان والمكان، وليس ذلك مرادا كما يفهم مما مثلت به، وعبارة المحرر قال: بع من فلان أو في وقت كذا أو كذا أو عين مكانا، وهو تعبير حسن.
فروع: لو قال: اشتر عبد فلان وكان فلان قد باعه فللوكيل شراؤه من المشتري، ولو قال: طلق زوجتي ثم طلقها الزوج فللوكيل طلاقها أيضا في العدة، قاله البغوي في فتاويه. ولو باع الوكيل ليلا فإن كان الراغبون فيه مثل النهار صح وإلا فلا، قاله القاضي في تعليقه. ولو قال: بع من زيد فباع لوكيله لم يصح، بخلاف نظيره في النكاح فيصح لأنه لا يقبل نقل الملك والبيع يقبله، وقياسه عدم الصحة فيما لو قال: بع من وكيل زيد فباع من زيد. (وإن قال بع) هذا (بمائة لم يبع بأقل) منها ولو يسيرا وإن كان بثمن مثله لأنه مخالف للاذن، وهذا بخلاف النقص عن ثمن المثل بما يتغابن به عند الاطلاق لأنه قد يسمى ثمن المثل، بخلاف دون المائة لا يسمى مائة. (وله أن يزيد) عليها، لأن المفهوم من ذلك عرفا إنما هو منع النقص، وقيل: لا يزيد لأن المالك ربما كان له غرض في إبرار قسم، وكما لو زاد في الصفة، بأن قال: بمائة درهم مكسرة فباع بمائة صحيحة.
تنبيه: قوله: له يشعر بجواز البيع بالمائة وهناك راغب بزيادة، وليس مرادا، فإن الأصح في زيادة الروضة المنع، لأنه مأمور بالاحتياط والغبطة، فلو وجده في زمن الخيار لزمه الفسخ، فلو لم يفسخ انفسخ البيع قياسا على ما مر. (إلا أن يصرح بالنهي) عن الزيادة فتمتنع لأن النطق أبطل حق العرف.
تنبيه: يرد على حصره الاستثناء ما لو قال: بع لزيد بمائة فإنه ليس له الزيادة قطعا لأنه ربما قصد إرفاقه. فإن قيل:
لو وكله بالخلع بمائة جاز له أن يزيد عليها ولم يحملوه على ذلك. أجيب بأن الخلع يقع غالبا عن شقاق، وذلك قرينة دالة على عدم قصد المحاباة، ولذلك قيد ابن الرفعة المنع في الأولى بما إذا كانت المائة دون ثمن المثل لظهور قصد المحاباة، بخلاف ما إذا كانت ثمن المثل فأكثر. فإن قيل: لو وكله أن يشتري عبد زيد بمائة كان له أن يشتريه بأقل منها ولم يحملوه على ذلك.
أجيب بأن البيع لما كان ممكنا من المعين وغيره كان تعيينه ظاهرا في قصد إرفاقه وشراء العين لما لم يمكن من غير المذكور ضعف احتمال ذلك المقصد فظهر قصد التعريف.
فروع: لو قال له: بع العبد بمائة فباعه بمائة وثوب أو دينار صح لأنه حصل غرضه وزاد خيرا. ولو قال له:
بع بألف درهم فباع بألف دينار لم يصح، إذ المأتي به ليس مأمورا به ولا مشتملا عليه. ولو قال: اشتر بمائة لا بخمسين جاز الشراء بالمائة وبما بينها وبين الخمسين لا بما عدا ذلك. ولو قال: بع بمائة لا بمائة وخمسين لم يجز النقص عن المائة ولا استكمال الماء والخمسين ولا الزيادة عليها للنهي عن ذلك، ويجوز ما عداه. ولو قال: لا تبع أو لا تشتر