المارين، بخلاف المفسد المملوك فليس له ذلك بغير إذن أهله كما يؤخذ مما سيأتي في وضع الجناح بغير إذن أهله، فإن فعل ما منع منه أزيل لقوله (ص): لا ضرر ولا ضرار في الاسلام رواه ابن ماجة وغيره وهو حسن، والمزيل له الحاكم لا كل أحد لما فيه من توقيع الفتنة، لكن لكل أحد مطالبته بإزالته لأنه من إزالة المنكر.
تنبيه: ما أفهمه من جواز إخراج الجناح غير المضر هو في المسلم أما الكافر فليس له الاشراع إلى شوارع المسلمين على الصحيح وإن جاز استطراقه، لأنه كإعلاء البناء على المسلم في المنع. قال في المطلب: وسلوك أهل الذمة طرقات المسلمين ليس على استحقاق ملك بل إما بطريق التبع للمسلمين أو بما يبذلونه من الجزية إذا قلنا إنها في مقابلة سكنى الدار، ويجري الخلاف في آبار حشوشهم إذا أرادوا حفرها في أفنية دورهم. قال الأذرعي: ويشبه أن لا يمنعوا من إخراج الجناج ولا من حفر آبار حشوشهم في محالهم وشوارعهم المختصة بهم دار الاسلام كما في رفع البناء، وهي بحث حسن. وقضية إطلاق المصنف جواز إخراج الجناح إلى الطريق بشرط أنه يجوز إخراج جناح تحت جناح صاحبه، إذ لا ضرر، أو فوقه إن لم يضر بالمار على جناح صاحبه، أو مقابله إن لم يبطل انتفاع صاحبه، وكذا موضعه أيضا إذا انهدم أو هدمه، وإن كان على عزم إعادته ولو بحيث لا يمكن معه إعادته وهو كذلك، كما لو قعد لاستراحة ونحوها في طريق واسع ثم انتقل عنه يجوز لغيره الارتفاق به ويصير أحق به. فإن قيل: قياس اعتبار الاعراض في القعود فيه للمعاملة بقاء حقه هنا إذا عاد إليه كما بحثه الرافعي. أجيب بأن إشراع الجناح إنما يكون بطريق التبع لاستحقاق الطروق وعند سقوط استحقاق الطروق ثابت لكل المسلمين، فذلك من كان أحق به لمشاركته في السبب والانتفاع بالمقاعد ليس تبعا لغيره، فلذلك من سبق كان أحق به ما لم يعرض عنه، وبأن المعاملة لا تدوم بل الانتقال عنها ثم العود إليها ضروري فاعتبر الاعراض بخلاف ما هنا فاعتبر الانهدام. نعم يستثنى من ذلك ما لو بنى دارا في موات وأخرج لها جناحا ثم بنى آخر دارا تحاذيه واستمر الشارع، فإن حق الأول يستمر، وإن انهدم جناحه فليس لجاره أن يخرج جناحه إلا بإذنه لسبق حقه بالاحياء، ومن سبق إلى أكثر الهواء كأن أخذ هواء الطريق لم يكن للآخر منعه. وحكم الشارع الموقوف حكم غيره فيما مر كما اقتضاه كلام الشيخين، وإن توقف فيه في المطلب. والطريق ما جعل عند إحياء البلد أو قبله طريقا أو وقفه المالك ولو بغير إحياء كذلك، وشرح في الروضة نقلا عن الامام بأنه لا حاجة في ذلك إلى لفظ. قال في المهمات: ومحله فيما عدا ملكه، أما فيه فلا بد من لفظ يصير به وقفا على قاعدة الأوقاف اه. وهذا ظاهر. وحيث وجدنا طريقا اعتمدنا فيه الظاهر، ولا يلتفت إلى مبدأ جعله طريقا. فإن اختلفوا عند الاحياء في تقديره، قال المصنف: جعل سبعة أذرع لخبر الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: قضى رسول الله (ص) عند الاختلاف في الطريق أن يجعل عرضه سبعة أذرع. وقال الزركشي:
مذهب الشافعي اعتبار قدر الحاجة والحديث محمول عليه اه. وهذا ظاهر، فإن كان أكثر من سبعة أو من قدر الحاجة على ما مر لم يجز لاحد أن يستولي على شئ منه وإن قل، ويجوز إحياء ما حوله من الموات بحيث لا يضر بالمار. أما إذا كانت الطريق مملوكة يسبلها مالكها فتقديرها إلى خيرته، والأفضل له توسيعا. (ويحرم الصلح على إشراع الجناح) أو الساباط بعوض وإن صالح عليه الامام، لأن الهواء لا يفرد بالعقد. وإنما يتبع القرار كالحمل عن الام ولأنه إن ضر لم يجز فعله وإن لم يضر فالمخرج مستحقه وما يستحقه الانسان في الطريق لا يجوز أخذ العوض عنه كالمرور. (و) يحرم (أن يبنى في الطريق دكة) بفتح الدال: أي مصطبة أو غيرها. (أو يغرس شجرة) ولو اتسع الطريق وأذن الامام وانتفى الضرر، لمنع الطروق في ذلك المحل ولتعثر المار بهما عند الازدحام، ولأنه إن طالت المدة أشبه موضعهما الاملاك وانقطع أثر استحقاق الطروق فيه بخلاف الأجنحة ونحوها. واستشكل التعليل الأول بجواز غرس الشجرة بالمسجد مع الكراهة، والثاني بجواز فتح الباب إلى درب منسد إذا سمره. وأجيب عن الأول بأن محل جواز غرس الشجرة بالمسجد إذا كان لعموم المسلمين، بدليل أنهم لا يمنعون من الاكل من ثمارها، وقضيته جواز مثل ذلك في الشارع حيث لا ضرر وهو كذلك. وعن الثاني بأن الحق في الدرب المنسد لخاص وهو قائم على ملكه وحافظ له بخلاف الشارع، فانقطاع الحق عند