مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٨٧
للجار منعه، لأنه إذا أراد رفع جميع الحائط لم يمنع منه، فإذا رفع بعضه لم يمنع. (والجدار بين مالكين) لبناءين (قد يختص) أي ينفرد (به أحدهما) ويكون ساترا للآخر، (وقد يشتركان فيه، فالمختص) به أحدهما (ليس للآخر وضع الجذوع) بالمعجمة، أي خشبه (عليه بغير إذن في الجديد، ولا يجبر المالك) له إن امتنع من وضعها، لخبر: لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس رواه الحاكم بإسناد على شرط الشيخين في معظمه، وكل منهما منفرد في بعضه.
ولخبر: لا ضرر ولا ضرار في الاسلام قال المصنف: حديث حسن، رواه ابن ماجة والدارقطني. وقياسا على سائر أمواله، ونقله البغوي في شرح السنة عن أكثر أهل العلم. والقديم: يجوز ذلك ويجبر المالك، لحديث الشيخين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: لا يمنعن جار جاره أن يضع خشبة في جداره ثم يقول أبو هريرة: مالي أراكم عنها - أي عن السنة - معرضين؟
والله لأرمين بها بين أكتافكم - بالتاء المثناة من فوق: أي بينكم، وروي بالنون، ومعناه أيضا بينكم، فإن الكتف هو الجانب - قال البيهقي: ولم نجد في السنة ما يعارض هذا الحديث، ولا تصح معارضته بالعمومات. وأجاب عنه الأصحاب بأنه محمول على الندب لقوة العمومات المعارضة، وبأن الضمير في جداره لصاحب الخشب: أي لا يمنع جاره أن يضع خشبه على جدار نفسه وإن تضرر به من جهة منع الضوء ونحوه. قال الأسنوي: ويتأيد بأنه القياس الفقهي والقاعدة النحوية، فإنه أقرب من الأول فوجب عود الضمير إليه.
تنبيه: قد يقتضي التعبير بالجديد أن مقابله قديم محض، وليس مرادا بل هو منصوص عليه في الجديد أيضا، حكاه البويطي عن الشافعي، وهو من رواة الجديد. وظاهره أن القول القديم مطلق وليس مرادا، بل له شروط:
أن لا يحتاج المالك إلى وضع جذوعه عليه، وأن لا يزيد الجار في ارتفاع الجدار، وأن لا يبني عليه أزجا، وأن لا يضع عليه ما لا يحمله الجدار ولا يضر به، وأن لا يملك الجار شيئا من جدار البقعة التي يريد تسقيفها، وأن لا يملك إلا جدارا واحدا. وقد يفهم من التعبير بالوضع اختصاص الخلاف بذلك، وأنه لا يجوز إدخال الجذوع في الحائط قطعا، وليس مرادا، بل الخلاف جار فيه أيضا. وفرض المصنف الخلاف في الجدار بين المالكين يخرج الساباط إذا أراد أن يبنيه على شارع أو درب غير نافذ، وأن يضع طرف الجذوع على حائط جاره المقابل، فلا يجوز ذلك إلا بالرضا قطعا، قاله المتولي وغيره، لأن هذا الجدار ليس بين مالكين. فإن قيل: قوله: ولا يجبر المالك قد يفهم أنه مجزوم به وأن القولين إنما هما في الجواز ابتداء وليس مرادا فلو حذفه لكان أولى. أجيب بأنه فرعه على الجديد. (فلو رضي) المالك بالوضع (بلا عوض) وقلنا بعدم الاجبار، (فهو إعارة) لصدق حدها عليه فيستفيد بها المستعير الوضع مرة واحدة، حتى لو رفع جذوعه أو سقطت بنفسها أو سقط الجدار فبناه صاحبه بتلك الآلة لم يكن له الوضع ثانيا في الأصح، لأن الاذن إنما يتناول مرة فقط. (وله) أي للمالك (الرجوع قبل البناء عليه) قطعا (وكذا بعده في الأصح) كسائر العواري. والثاني: لا رجوع لبعد البناء، لأن مثل هذه العواري يراد بها التأبيد كالإعارة لدفن الميت. (وفائدة الرجوع تخييره بين أن يبقيه) أي الموضوع المبني عليه، (بأجرة أو يقلع) ذلك (ويغرم أرش نقصه) وهو ما بين قيمته قائما ومقلوعا كما في إعارة الأرض للبناء أو الغراس، وليس له التملك لذلك بقيمته وإن قال الزركشي: إن قضية كلام أكثر العراقيين أن له ذلك. بخلاف من أعار أرضا للبناء أو الغراس، فإن له بعد رجوعه أن يتملكه بقيمته، لأن الأرض أصل فجاز أن تستتبع والجدار تابع فلا يستتبع. (وقيل: فائدته طلب الأجرة) في المستقبل (فقط) لأن القلع يضر المستعير، لأن الجذوع إذا ارتفعت أطرافها عن جدار لا تستمسك على الجدار الآخر والضرر لا يزال بالضرر.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429