قدرته في كلامه تبعا للشارح، وقد أتى في المحرر بجميع الضمائر مؤنثة لكونه عبر أولا بالسكة، ولما عبر المصنف بغير النافذ عدل عن تأنيث الضمائر إلى تذكيرها إلا هذه اللفظة. وقوله: لكلهم كان الأولى أن يقول لكل منهم، فإنه لا نزاع في استحقاق كلها لكلهم، أي لمجموعهم، فإن الكل يطلق على الكل المجموعي والكل التفصيلي. فإن قيل: إذا كان الاستحقاق لهم خاصة فلم جاز لغيرهم دخوله بغير إذنهم؟ أجيب بأن هذا من الحلال المستفاد بقرينة الحال. قال الزركشي: وقضيته أنه لا يجوز الدخول إذا كان فيهم محجور عليه لامتناع الإباحة منه ومن وليه، وقد توقف الشيخ عز الدين في مسائل قريبة من ذلك: كالشرب من أنهارهم، والظاهر كما قال بعض المتأخرين الجواز وإن كان الورع خلافه، ومن ذلك ما قاله الأصحاب من أنه يجوز المرور بملك غيره إذا لم يصر طريقا للناس. قال العبادي في طبقاته: وعليه يحمل إطلاق الأكثرين الجواز، ومحله فيما جرت العادة بالمسامحة بالمرور فيه، وقد قيل: إن السلطان محمود لما قدم مرو استقبله أهل البلد وفيهم القفال الكبير والقاضي أبو عاصم العامري، أحدهما عن يمين السلطان والآخر عن يساره، وازدحموا، فتعدى فرس القفال عن الطريق إلى أرض مملوكة لانسان، فقال السلطان للعامري: هل يجوز أن يتطرق في ملك الغير بغير إذنه؟ فقال له: سل الشيخ فإنه إمام لا يقع فيما لا يحل في الشرع فسمع القفال ذلك، فقال: يجوز السعي في أرض الغير إذا لم يخش أن يتخذ بذلك طريقا ولا عاد ضرره على المالك بوجه آخر كالنظر في مرآة الغير والاستظلال بجداره. (وليس لغيرهم فتح باب إليه للاستطراق) إلا بإذنهم لتضررهم، فإن أذنوا جاز لهم الرجوع ولو بعد الفتح كالعارية. قال الامام: ولا يغرمون شيئا، بخلاف ما لو أعار أرضا للبناء ونحوه ثم رجع فإنه لا يقلع مجانا. قال الرافعي: ولم أره لغيره، والقياس عدم الفرق. وفرق في المطلب بينهما بما فيه نظر. والأولى ما فرق به شيخنا من أن الرجوع هناك يترتب عليه القلع وهو خسارة فلم يجز الرجوع مجانا، بخلافه هنا لا يترتب على خسارة لعدم اقتضائه لزوم سد الباب، وخسارة فتحه إنما ترتبت على الاذن لا على الرجوع مع أن فتحه لا يتوقف على الاذن، وإنما المتوقف عليه الاستطراق. (وله فتحه إذا سمره) بالتخفيف ويجوز التشديد (في الأصح) لأن له رفع جداره فبعضه أولى. والثاني: لا، لأن فتحه يشعر بثبوت حق الاستطراق فيستدل به عليه. وما صححه تبعا للمحرر هو ما صححه في تصحيح التنبيه، وهو المعتمد، وإن قال في زيادة الروضة: إن الأفقه المنع، فقد قال في المهمات:
والفتوى على الجواز، فقد نقله ابن حزم عن الشافعي.
تنبيه: لو حذف لفظ سمره لكان أخصر وأشمل، فإن الخلاف جار فيما إذا فتحه للاستضاءة، وكذا لو قال: لا أدخل منه ولا أخرج كما قاله في البيان. نعم لو ركب على المفتوح للاستضاءة شباكا أو نحوه جاز جزما كما نقله الأسنوي وغيره عن جمع.
(ومن له فيه باب) أو ميزاب (ففتح آخر أبعد من رأس الدرب) من بابه الأصلي، (فلشركائه) أي لكل منهم (منعه) إذا كان بابه أبعد من الباب الأول، سواء أسد الأول أم لا، لأن الحق لغيره، بخلاف من بابه بين المفتوح ورأس الدرب أو مقابل المفتوح كما في الروضة عن الامام، أي المفتوح القديم كما فهمه السبكي وغيره. وفهم البلقيني أنه الجديد، واعترض عليه بأن المقابل للمفتوح مشارك في القدر المفتوح فيه فله المنع. (فإن كان أقرب إلى رأسه ولم يسد الباب القديم فكذلك) أي لشركائه منعه لأن انضمام الثاني إلى الأول يورث زحمة ووقوف الدواب في الدرب فيتضررون به، وقيل: يجوز، واختاره الأذرعي وضعف التوجيه بالزحمة بتصريحهم بأن له جعل داره حماما وحانوتا مع أن الزحمة ووقوف الدواب في السكة وطرح الأثقال بكثرة أضعاف ما عساه يقع نادرا في فتح باب آخر للدار اه. وربما يجاب بأن موضع فتح الباب لم يكن له فيه استحقاق، بخلاف جعل داره ما ذكر. (وإن سده فلا منع) لأنه ترك بعض حقه. ويجوز لمن داره في آخر الدرب تقديم بابه فيما يختص به وجعل ما بين الدار وآخر