مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٨٥
قدرته في كلامه تبعا للشارح، وقد أتى في المحرر بجميع الضمائر مؤنثة لكونه عبر أولا بالسكة، ولما عبر المصنف بغير النافذ عدل عن تأنيث الضمائر إلى تذكيرها إلا هذه اللفظة. وقوله: لكلهم كان الأولى أن يقول لكل منهم، فإنه لا نزاع في استحقاق كلها لكلهم، أي لمجموعهم، فإن الكل يطلق على الكل المجموعي والكل التفصيلي. فإن قيل: إذا كان الاستحقاق لهم خاصة فلم جاز لغيرهم دخوله بغير إذنهم؟ أجيب بأن هذا من الحلال المستفاد بقرينة الحال. قال الزركشي: وقضيته أنه لا يجوز الدخول إذا كان فيهم محجور عليه لامتناع الإباحة منه ومن وليه، وقد توقف الشيخ عز الدين في مسائل قريبة من ذلك: كالشرب من أنهارهم، والظاهر كما قال بعض المتأخرين الجواز وإن كان الورع خلافه، ومن ذلك ما قاله الأصحاب من أنه يجوز المرور بملك غيره إذا لم يصر طريقا للناس. قال العبادي في طبقاته: وعليه يحمل إطلاق الأكثرين الجواز، ومحله فيما جرت العادة بالمسامحة بالمرور فيه، وقد قيل: إن السلطان محمود لما قدم مرو استقبله أهل البلد وفيهم القفال الكبير والقاضي أبو عاصم العامري، أحدهما عن يمين السلطان والآخر عن يساره، وازدحموا، فتعدى فرس القفال عن الطريق إلى أرض مملوكة لانسان، فقال السلطان للعامري: هل يجوز أن يتطرق في ملك الغير بغير إذنه؟ فقال له: سل الشيخ فإنه إمام لا يقع فيما لا يحل في الشرع فسمع القفال ذلك، فقال: يجوز السعي في أرض الغير إذا لم يخش أن يتخذ بذلك طريقا ولا عاد ضرره على المالك بوجه آخر كالنظر في مرآة الغير والاستظلال بجداره. (وليس لغيرهم فتح باب إليه للاستطراق) إلا بإذنهم لتضررهم، فإن أذنوا جاز لهم الرجوع ولو بعد الفتح كالعارية. قال الامام: ولا يغرمون شيئا، بخلاف ما لو أعار أرضا للبناء ونحوه ثم رجع فإنه لا يقلع مجانا. قال الرافعي: ولم أره لغيره، والقياس عدم الفرق. وفرق في المطلب بينهما بما فيه نظر. والأولى ما فرق به شيخنا من أن الرجوع هناك يترتب عليه القلع وهو خسارة فلم يجز الرجوع مجانا، بخلافه هنا لا يترتب على خسارة لعدم اقتضائه لزوم سد الباب، وخسارة فتحه إنما ترتبت على الاذن لا على الرجوع مع أن فتحه لا يتوقف على الاذن، وإنما المتوقف عليه الاستطراق. (وله فتحه إذا سمره) بالتخفيف ويجوز التشديد (في الأصح) لأن له رفع جداره فبعضه أولى. والثاني: لا، لأن فتحه يشعر بثبوت حق الاستطراق فيستدل به عليه. وما صححه تبعا للمحرر هو ما صححه في تصحيح التنبيه، وهو المعتمد، وإن قال في زيادة الروضة: إن الأفقه المنع، فقد قال في المهمات:
والفتوى على الجواز، فقد نقله ابن حزم عن الشافعي.
تنبيه: لو حذف لفظ سمره لكان أخصر وأشمل، فإن الخلاف جار فيما إذا فتحه للاستضاءة، وكذا لو قال: لا أدخل منه ولا أخرج كما قاله في البيان. نعم لو ركب على المفتوح للاستضاءة شباكا أو نحوه جاز جزما كما نقله الأسنوي وغيره عن جمع.
(ومن له فيه باب) أو ميزاب (ففتح آخر أبعد من رأس الدرب) من بابه الأصلي، (فلشركائه) أي لكل منهم (منعه) إذا كان بابه أبعد من الباب الأول، سواء أسد الأول أم لا، لأن الحق لغيره، بخلاف من بابه بين المفتوح ورأس الدرب أو مقابل المفتوح كما في الروضة عن الامام، أي المفتوح القديم كما فهمه السبكي وغيره. وفهم البلقيني أنه الجديد، واعترض عليه بأن المقابل للمفتوح مشارك في القدر المفتوح فيه فله المنع. (فإن كان أقرب إلى رأسه ولم يسد الباب القديم فكذلك) أي لشركائه منعه لأن انضمام الثاني إلى الأول يورث زحمة ووقوف الدواب في الدرب فيتضررون به، وقيل: يجوز، واختاره الأذرعي وضعف التوجيه بالزحمة بتصريحهم بأن له جعل داره حماما وحانوتا مع أن الزحمة ووقوف الدواب في السكة وطرح الأثقال بكثرة أضعاف ما عساه يقع نادرا في فتح باب آخر للدار اه‍. وربما يجاب بأن موضع فتح الباب لم يكن له فيه استحقاق، بخلاف جعل داره ما ذكر. (وإن سده فلا منع) لأنه ترك بعض حقه. ويجوز لمن داره في آخر الدرب تقديم بابه فيما يختص به وجعل ما بين الدار وآخر
(١٨٥)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)، المنع (1)، الجواز (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429