مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٨١
العين التي تدعيها أو هبنيها أو زوجني هذه الأمة أو أبرئني مما تدعيه، فإقرار لأنه صريح في التماس التملك. أو قال: أعرني أو أجرني لم يكن إقرارا في أحد وجهين يظهر كما قال شيخنا ترجيحه، لأن الانسان قد يستعير ملكه ويستأجره من مستأجره.
ولكن يظهر كما قال شيخنا أيضا أنه إقرار بأنه مالك للمنفعة. ولو قال: صالحني عن دعواك فليس بإقرار جزما. (القسم الثاني) من الصلح (يجري بين المدعي والأجنبي. فإن قال) الأجنبي (وكلني المدعى عليه في الصلح) عن المدعى به، (وهو مقر لك) به في الظاهر أو فيما بيني وبينه ولم يظهره خوفا من أخذ المالك له كما صرح بالقسمين في المحرر، (صح) الصلح بينهما لأن دعوى الانسان الوكالة في المعاملات مقبولة، ومحله كما قال الامام والغزالي إذا لم يدع المدعى عليه الانكار بعد دعوى الوكالة، فإن ادعاه كان عزلا فلا يصح الصلح عنه. ثم إن كان المدعى عينا وصالح على بعض المدعى أو على عين للمدعى عليه أو على دين في ذمة المدعى عليه صح وصار المصالح عنه ملكا للموكل له إن كان الأجنبي صادقا في الوكالة، وإلا فهو شراء فضولي، وقد مر حكمه في كتاب البيع. ويرد على إطلاق اعتبار الاقرار ما لو قال الأجنبي: وكلني في المصالحة لقطع الخصومة وأنا أعلم أنه لك فإنه يصح الصلح في الأصح عند الماوردي، وجزم به في التنبيه وأقره في التصحيح وجريت عليه في شرحه. قال في الروضة: ولو قال: هو منكر ولكنه مبطل فصالحني له على عبدي هذا لتنقطع الخصومة بينكما وكان المدعى دينا، فإن المذهب صحة الصلح، وإن كان المدعى عينا لم يصح على الأصح، والفرق أنه لا يمكن تمليك الغير عين مال بغير إذن ويمكن قضاء دينه بغير إذنه. ولو صالح الوكيل عن الموكل على عين مال نفسه أو على دين في ذمته بإذنه صح العقد ووقع للآذن ويرجع المأذون عليه بالمثل في المثلي والقيمة في المتقوم، لأن المدفوع قرض لا هبة. وخرج بقول المصنف:
وكلني إلخ ما لو تركه فهو شراء فضولي فلا يصح كما مر. وبقوله: وهو مقر لك ما لو اقتصر على قوله وكلني في مصالحتك، فلا يصح بناء على الأصح في أن قوله صالحني عما تدعيه ليس إقرارا. ولو كان المدعى دينا فقال الأجنبي: وكلني المدعى عليه بمصالحتك على نصفه أو ثوبه فصالحه، صح كما لو كان المدعى عينا. أو: على ثوبي هذا لم يصح لأنه بيع شئ بدين غيره، وهذا هو المعتمد كما جزم به ابن المقري تبعا للمصنف، خلافا للزركشي ومن تبعه في التسوية بين الدين والعين.
تنبيه: يرد على إطلاق المصنف اعتبار التوكيل ما لو قال الأجنبي صالحني عن الألف الذي لك على فلان على خمسمائة فإنه يصح سواء أكان بإذنه أم لا، لأنه قضاء دين غيره بغير إذنه جائز، قاله في زيادة الروضة. (ولو صالح) الأجنبي عن العين (لنفسه) بعين ماله أو بدين في ذمته، (والحالة هذه) أي أن الأجنبي قائل بأنه مقر لك بالمدعى أو نحو ذلك مما مر، (صح) الصلح للأجنبي وإن لم تجر معه خصومة، لأن الصلح ترتب على دعوى وجواب خلافا للجويني في قوله: يأتي فيه الخلاف فيما إذا قال من غير سبق خصومة صالحني. (وكأنه اشتراه) بلفظ الشراء. أما إذا صالح الأجنبي عن الدين ففيه الخلاف في بيع الدين لغير من عليه، ولو قال: صالحني عن الألف الذي لك على فلان على خمسمائة صح ولو بلا إذن لجواز الاستقلال بقضاء دين الغير كما مر.
تنبيه: أشار المصنف بقوله: وكأنه اشتراه إلى اشتراط كونه بيد المدعى عليه بوديعة أو عارية أو نحو ذلك مما يجوز بيعه معه، فلو كان مبيعا قبل القبض لم يصح. وعبارة الروضة: كما لو اشتراه، قال ابن الملقن: وهي أولى من عبارة الكتاب لأنه شراء حقيقة فلا معنى للتشبيه اه‍. والظاهر كما قال ابن شهبة أن التشبيه في كلتا العبارتين، فليست إحداهما أولى من الأخرى. (وإن كان) المدعى عليه (منكرا وقال الأجنبي هو مبطل في إنكاره) لأنك صادق عندي فصالحني لنفسي، فإن كان المدعى به عينا (فهو شراء مغصوب فيفرق بين قدرته على انتزاعه) فيصح، (وعدمها) فلا يصح.
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429