مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٦٣
حين بنى وغرس لم يكن متعديا بل وضعه بحق فيحترم. (بل له) أي البائع، (أن) يضارب الثمن، وله أن (يرجع) في الأرض (ويتملك الغراس والبناء بقيمته) أي له جميع الامرين لما سيأتي. (وله) بدل تملك ما ذكر (أن يقلع ويضمن أرش النقص) لأن مال المفلس مبيع وكله الضرر يندفع بكل واحد من الامرين، فأجيب البائع لما طلب منهما، بخلاف ما لو أفلس بعد زرعه الأرض ورجع البائع فيها فإنه لا يتمكن من تملك الزرع بالقيمة لأن له أمدا ينتظر فسهل احتماله، بخلاف الغراس والبناء. وإن اختلفوا بأن طلب المفلس القلع والغرماء أخذ القيمة من البائع ليتملكه أو بالعكس، أو وقع هذا الاختلاف بين الغرماء فطلب بعضهم البيع وبعضهم القيمة من البائع عمل بالمصلحة. (والأظهر أنه ليس له أن يرجع فيها ويبقى الغراس والبناء للمفلس) لما فيه من الضرر بنقص قيمتها، فإن الغراس بلا أرش والبناء بلا مقر ولا ممر ناقص القيمة، والرجوع إنما شرع لدفع الضرر فلا يزال ضرر البائع بضرر المفلس والغرماء، فعلى هذا يضارب الغرماء بالثمن أو يعود إلى بذل قيمتهما أو قلعهما مع غرامة أرش النقص. قال الأسنوي: وكتب المصنف على حاشية الروضة: قوله: يعود إشارة إلى أنه لو امتنع من ذلك ثم عاد إليه مكن. والثاني: له ذلك كما لو صبغ الثوب ثم حجر عليه قبل أداء الثمن فإنه يرجع فيه دون الصبغ ويكون المفلس شريكا معه بالصبغ. وفرق الأول بأن الصبغ كالصفة التابعة للثوب. (ولو كان المبيع) له مثليا، كأن كان (حنطة فخلطها بمثلها أو دونها فله) أي للبائع بعد الفسخ (أخذ قدر المبيع من المخلوط) أما في الخلط بالمثل فظاهر، وأما في الدون فيكون مسامحا كنقض العيب، ولو طلب البيع وقسمة الثمن لم يجب إليه في الأصح كما لا يجبر الشريك على البيع. هذا إذا خلطه المشتري، فلو خلطه أجنبي: أي يضمن ضارب البائع بنقص الخلط كما في العيب، قاله الزركشي. (أو) خلطها (بأجود) منها، (فلا رجوع في المخلوط في الأظهر) بل يضارب بالثمن فقط لأن الطريق الموصل إلى أخذه وهو القسمة متعذر هنا، لأنه لا سبيل إليها بإعطاء قدر حقه منه، لأن فيه ضررا بالمفلس، ولا بإعطاء ما يساوي حقه منه لأنه ربا. والثاني: له الرجوع ويباعان ويوزع الثمن على نسبة القيمة. وعلى الأول لو قل الأجود بحيث لا يظهر به زيادة في الحس ويقع مثله بين الكيلين، فالوجه القطع بالرجوع كما قاله الامام وأقره الشيخان.
تنبيه: حكم سائر المثليات حكم الحنطة فيما مر كما يعلم مما قدرته في كلامه. ولو كان المختلط من غير جنس المبيع كزيت بشيرج فلا رجوع لعدم جواز القسمة لانتفاء التماثل فهو كالتالف. (ولو طحنها) أي الحنطة المبيعة له، (أو قصر الثوب) المبيع له ثم حجر عليه قبل أداء الثمن، (فإن لم تزد القيمة) بما فعله بأن ساوت أو نقصت، (رجع) البائع في ذلك (ولا شئ للمفلس) فيه، لأنه مبيع موجود من غير زيادة. وإن نقصت فليس للبائع غيره، (وإن زادت) عليها (فالأظهر أنه) أي المبيع (يباع) ويصير المفلس شريكا بالزيادة إلحاقا لها بالعين، لأنها زيادة حصلت بفعل محترم متقوم فوجب أن لا يضيع عليه بخلاف الغاصب. (وللمفلس من ثمنه بنسبة ما زاد) بالعمل، مثاله: قيمة الثوب خمسة وبلغ بالقصارة ستة فللمفلس سدس الثمن، وللبائع إمساك المبيع لنفسه وإعطاء المفلس حصة الزيادة كما صححه الشيخان.
والثاني: لا شركة للمفلس في ذلك لأنها أثر كسمن الدابة بالعلف، وكبر الشجرة بالسقي والتعهد. وفرق الأول بأن الطحن أو القصارة منسوب إليه بخلاف السمن وكبر الشجرة، فإن العلف والسقي يوجدان كثيرا ولا يحصل السمن والكبر، فكأن الأثر فيه غير منسوب إلى فعله بل محض صنع الله تعالى، ولهذا لا يجوز الاستئجار على تكبير الشجرة وتسمين الدابة بخلاف القصارة والطحن. تنبيه: كلامه قد يفهم أن البائع لو أراد أخذه ودفع الزيادة للمفلس لا يمكن من ذلك، وليس مرادا بل له ذلك
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429