مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٦٧
تنبيه: تعبيره بخروج المني أعم من تعبير أصله بالاحتلام، قاله في الدقائق. وأجيب عن أصله بأنه تبع في ذلك لفظ الحديث، وبما مر من أنه المراد. وكلام المصنف يقتضي تحقق خروج المني، فلو أتت زوجة صبي يمكن بلوغه بولد لأكثر من ستة أشهر لحقه ولا يحكم ببلوغه به وهو المنصوص، ونقله الرافعي في باب اللعان عن الأصحاب، لأن الولد يلحق بالامكان والبلوغ لا يكون إلا بتحقيقه، وعلى هذا لا يثبت إيلاده إذا وطئ أمة وأتت بولد، وهو كذلك وإن صوب البلقيني ثبوته والحكم ببلوغه. وحكى النجوري في المسألة قولين: أحدهما هذا، والثاني: يكون به بالغا، وأجراهما في أنه هل يستقر به كل المهر أو لا؟. (ووقت إمكانه استكمال تسع سنين) قمرية بالاستقراء. وأفهم قوله استكمال أنها تحديدية وهو كذلك كما مر، وإن بحث بعض المتأخرين أنها تقريبية كالحيض لأن الحيض ضبط له أقل أو أكثر، فالزمن لا يسع أقل الحيض، والطهر وجوده كالعدم بخلاف المني. ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، وقيل: وقته في الذكر نصف العاشرة، وقيل: تمامها، وقيل: وقته في الأنثى أول التاسعة، وقيل: نصفها. (ونبات) شعر (العانة) الخشن الذي يحتاج في إزالته لنحو حلق، (يقتضي الحكم ببلوغ ولد الكافر) ومن جهل إسلامه، لخبر عطية القرظي قال: كنت في سبي بني قريظة فكانوا ينظرون من أنبت الشعر قتل ومن لم ينبت لم يقتل، فكشفوا عانتي فوجدوها لم تنبت فجعلوني في السبي رواه ابن حبان والحاكم والترمذي وقال: حسن صحيح. وقول المصنف يقتضي أن ذلك ليس بلوغا حقيقة بل دليل له، وهو كذلك، ولهذا لو لم يحتمل وشهد عدلان أن عمره دون خمس عشرة سنة لم يحكم ببلوغه بالانبات، قاله الماوردي، وقضيته أنه دليل البلوغ بالسن. قال السبكي: والذي يظهر أنه علامة على أحد الامرين لا بعينه. وقال الأسنوي: يتجه أنه دليل للبلوغ بأحدهما. ووقت إمكان نبات العانة وقت الاحتلام ذكره الرافعي وأسقطه من الروضة. ويجوز النظر إلى عانة من احتجنا إلى معرفة بلوغه على الأصح للحديث، وقيل: يمس من فوق حائل، وقيل: يدفع إليه شمع أو نحوه فيلصقه.
تنبيه: قوله: نبات العانة يقتضي أن العانة هي المنبت لا النابت، وفيه خلاف لأهل اللغة، وخرج بها شعر الإبط واللحية، فليس دليلا للبلوغ لندورهما دون خمس عشرة سنة، ولان إنباتهما لو دل على البلوغ لما كشفوا العانة في وقعة بني قريظة لما فيه من كشف العورة مع الاستغناء عنه. وفي معناهما الشارب وثقل الصوب ونهود الثدي ونتف طرف الحلقوم وانفراق الأرنبة ونحو ذلك. وقوله: ولد الكافر يقتضي كونه علامة في الذكر والأنثى، وهو كذلك، وإن نقل السبكي عن الجوزي أنه ليس علامة في حق النساء لأنهن لا يقتلن. والخنثى لا بد أن ينبت على فرجيه معا كما صرح به الماوردي والدارمي وغيرهما. (لا المسلم في الأصح) فلا يكون علامة على بلوغه لسهولة مراجعة آبائه وأقاربه من المسلمين بخلاف الكفار، ولأنه متهم فربما استعجل الانبات بالمعالجة دفعا للحجر وتشوفا للولايات بخلاف الكافر فإنه يفضي به إلى القتل أو ضرب الجزية. وهذا جرى على الأصل والغالب، وإلا فالأنثى والخنثى والطفل الذي تعذرت مراجعة أقاربه المسلمين لموت أو غيره حكمهم كذلك، فإن الخنثى والمرأة لا جزية عليهما مع أن الحكم فيهما ما ذكر. ومن تعذرت مراجعة أقاربه المسلمين لا يحكم ببلوغه بما ذكر مع فقدان العلة، فقد جروا في تعليلهم (وتزيد المرأة حيضا) لوقت إمكانه على ما ذكر من السن وخروج على الغالب المني ونبات العانة الشامل لها كما مر. (وحبلا) كذا قاله جمع من الأصحاب، وزيفه الماوردي والروياني، لأنه يستدل بالانزال لأن الولد يخلق من الماءين، فإذا وضعت المرأة حكمنا بحصول البلوغ قبل الوضع بستة أشهر ولحظة، وهذا هو مرادهم بلا شك، فإن كانت مطلقة وأتت بولد يلحق بالزوج حكمنا ببلوغها قبل الطلاق بلحظة.
تنبيه: سكت المصنف عن الخنثى المشكل، وحكمه أنه لو أمنى بذكره وحاض بفرجه حكم ببلوغه في الأصح، فإن وجد أحدهما أو كلاهما من أحد فرجيه فلا يحكم ببلوغه عند الجمهور لجواز أن يظهر من الآخر ما يعارضه. وقال الامام: ينبغي الحكم ببلوغه بأحدهما كالحكم بالاتضاح به ثم يغير إن ظهر خلافه. قال الرافعي: وهو الحق. وسكت
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429