التوصل إلى أخذه بالحاكم ممكن، فإن فرض عجز فنادر لا عبرة به. والثاني: يثبت لتعذر الوصول إليه حالا وتوقعه مآلا، فأشبه المفلس. واحترز أيضا بالافلاس عما إذا تعذر حصوله بانقطاع جنس الثمن لأن له الاعتياض عنه، واستشكله الأسنوي بأن المعقود عليه إذا فات جاز الفسخ لفوات المقصود منه، وقد جزم به الرافعي في فوات المبيع، وذكر أيضا أن إتلاف الثمن المعين كإتلاف المبيع حتى يقتضي التخيير، وإذا جاز الفسخ لفوات عينه مع إمكان الرجوع إلى جنسه ونوعه فلفوات الجنس أولى. وأجيب بأن الملك ههنا قوي إذ العوض في الذمة فبعد الفسخ، وهناك الملك ضعيف لأن صورة المسألة أن المعقود عليه معين، وأنه فات بإتلاف الأجنبي قبل القبض فساغ الفسخ، بل فيها قول أن العقد ينفسخ كالتلف بآفة سماوية.
تنبيه: يفهم كلامه أنه لو كان بالثمن ضامن مقر ملئ لم يرجع، وهو كذلك، ولو كان الضمان بلا إذن كما رجحه ابن المقري لامكان الوصول إلى الثمن من الضامن فلم يحصل التعذر بالافلاس. فلو كان جاحدا ولا بينة أو معسرا رجع لتعذر الثمن بالافلاس، وكذا لا يرجع لو كان به رهن يفي به ولو مستعارا لما مر، فإن لم يف به فله الرجوع فيما يقابل ما بقي له.
(ولو قال الغرماء) أي غرماء المفلس، أو قال وارثه لمن له حق الفسخ: (لا تفسخ ونقدمك بالثمن فله الفسخ) لما في التقديم من المنة وخوف ظهور غريم آخر، وقيل: ليس له الفسخ.
تنبيه: وقع في الروضة آخر الباب أنه لو قال الغرماء للقصار: خذ أجرتك ودعنا نكن شركاء صاحب الثوب أجبر على الأصح، كالبائع إذا قدمه الغرماء بالثمن. واختلف الناس في هذا التنبيه، فقال بعضهم: وهم وقع في نسخة سقيمة من الشرح وهو في غيرها على الصواب، والأولى أن يقال إنه تفريع على الوجه القائل بعدم الفسخ. ومحل الخلاف إذا قدموه من مال المفلس فإن قدموه من مال أنفسهم فله الفسخ قطعا. ولو مات المشتري مفلسا وقال الوارث: لا تفسخ وأقدمك من التركة فكالغرماء، أو: من مالي فوجهان، والأقرب إجابته كما جزم به ابن المقري لأن التركة مال المورث فأشبه فك المرهون، ولان الوارث خليفة المورث فله تخليص المبيع. ولو تبرع بالثمن أحد الغرماء أو كلهم أو أجنبي كان له الفسخ لما في ذلك من المنة وإسقاط حقه، فإن أجاب المتبرع ثم ظهر غريم آخر لم يزاحمه فيما أخذه لأنه في وجه لا يدخل في ملك المفلس وفي وجه يدخل فيه لكن ضمنا، وحقوق الغرماء إنما تتعلق بما دخل ملكه أصالة، أما لو أجاب غير المتبرع فللذي ظهر أن يزاحمه. ثم إن كانت العين باقية لم يرجع فيما يقابل ما زوحم به في أحد احتمالين يظهر ترجيحه، لأنه مقصر حيث أخر حق الرجوع مع احتمال ظهور غريم يزاحمه. (و) منها (كون المبيع) أو نحوه (باقيا في ملك المشتري) للخبر السابق. (فلو فات) ملكه عنه حسا كالموت أو حكما كالعتق والوقف والبيع والهبة، (أو كاتب العبد) أو الأمة كتابة صحيحة، (فلا رجوع) لخروجه عن ملكه في الفوات، وفي الكتابة هو كالخارج عن ملكه. وليس للبائع فسخ هذه التصرفات بخلاف الشفيع ، لأن حق الشفعة كان ثابتا حين تصرف المشتري، لأنه يثبت بنفس البيع وحق الرجوع لم يكن ثابتا حين تصرف، لأنه إنما يثبت بالافلاس والحجر.
تنبيه: قد يفهم كلامه أنه لو زال ملكه ثم عاد لا رجوع، وهو الأصح في زيادة الروضة كما هو المصحح في الهبة للولد، وإن صحح في الشرح الصغير الرجوع، وأشعر برجحانه كلام الكبير، وقال الأسنوي: إنه الأصح. وعلى هذا لو عاد الملك بعوض ولم يوف الثمن إلى بائعه الثاني فهل الأول أولى لسبق حقه أو الثاني لقرب حقه أو يشتركان ويضارب كل بنصف الثمن إن تساوى الثمنان؟ فيه أوجه في الشرحين والروضة بلا ترجيح، رجح منها ابن الرفعة الثاني، وبه قطع الماوردي وابن كج وغيرهما. والاستيلاد كالكتابة كما في الروضة وأصلها، ووقع في فتاوى المصنف أنه يرجع، ولعله غلط من ناقله عنه فإنه قال في التصحيح: إنه لا خلاف في عدم الرجوع في الاستيلاد. ومنها أن لا يتعلق بالمبيع حق لازم، كرهن وجناية توجب مالا معلقا بالرقبة، فلو زال التعلق جاز الرجوع، وكذا لو عجز المكاتب، فلو قال البائع