مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٥٩
التوصل إلى أخذه بالحاكم ممكن، فإن فرض عجز فنادر لا عبرة به. والثاني: يثبت لتعذر الوصول إليه حالا وتوقعه مآلا، فأشبه المفلس. واحترز أيضا بالافلاس عما إذا تعذر حصوله بانقطاع جنس الثمن لأن له الاعتياض عنه، واستشكله الأسنوي بأن المعقود عليه إذا فات جاز الفسخ لفوات المقصود منه، وقد جزم به الرافعي في فوات المبيع، وذكر أيضا أن إتلاف الثمن المعين كإتلاف المبيع حتى يقتضي التخيير، وإذا جاز الفسخ لفوات عينه مع إمكان الرجوع إلى جنسه ونوعه فلفوات الجنس أولى. وأجيب بأن الملك ههنا قوي إذ العوض في الذمة فبعد الفسخ، وهناك الملك ضعيف لأن صورة المسألة أن المعقود عليه معين، وأنه فات بإتلاف الأجنبي قبل القبض فساغ الفسخ، بل فيها قول أن العقد ينفسخ كالتلف بآفة سماوية.
تنبيه: يفهم كلامه أنه لو كان بالثمن ضامن مقر ملئ لم يرجع، وهو كذلك، ولو كان الضمان بلا إذن كما رجحه ابن المقري لامكان الوصول إلى الثمن من الضامن فلم يحصل التعذر بالافلاس. فلو كان جاحدا ولا بينة أو معسرا رجع لتعذر الثمن بالافلاس، وكذا لا يرجع لو كان به رهن يفي به ولو مستعارا لما مر، فإن لم يف به فله الرجوع فيما يقابل ما بقي له.
(ولو قال الغرماء) أي غرماء المفلس، أو قال وارثه لمن له حق الفسخ: (لا تفسخ ونقدمك بالثمن فله الفسخ) لما في التقديم من المنة وخوف ظهور غريم آخر، وقيل: ليس له الفسخ.
تنبيه: وقع في الروضة آخر الباب أنه لو قال الغرماء للقصار: خذ أجرتك ودعنا نكن شركاء صاحب الثوب أجبر على الأصح، كالبائع إذا قدمه الغرماء بالثمن. واختلف الناس في هذا التنبيه، فقال بعضهم: وهم وقع في نسخة سقيمة من الشرح وهو في غيرها على الصواب، والأولى أن يقال إنه تفريع على الوجه القائل بعدم الفسخ. ومحل الخلاف إذا قدموه من مال المفلس فإن قدموه من مال أنفسهم فله الفسخ قطعا. ولو مات المشتري مفلسا وقال الوارث: لا تفسخ وأقدمك من التركة فكالغرماء، أو: من مالي فوجهان، والأقرب إجابته كما جزم به ابن المقري لأن التركة مال المورث فأشبه فك المرهون، ولان الوارث خليفة المورث فله تخليص المبيع. ولو تبرع بالثمن أحد الغرماء أو كلهم أو أجنبي كان له الفسخ لما في ذلك من المنة وإسقاط حقه، فإن أجاب المتبرع ثم ظهر غريم آخر لم يزاحمه فيما أخذه لأنه في وجه لا يدخل في ملك المفلس وفي وجه يدخل فيه لكن ضمنا، وحقوق الغرماء إنما تتعلق بما دخل ملكه أصالة، أما لو أجاب غير المتبرع فللذي ظهر أن يزاحمه. ثم إن كانت العين باقية لم يرجع فيما يقابل ما زوحم به في أحد احتمالين يظهر ترجيحه، لأنه مقصر حيث أخر حق الرجوع مع احتمال ظهور غريم يزاحمه. (و) منها (كون المبيع) أو نحوه (باقيا في ملك المشتري) للخبر السابق. (فلو فات) ملكه عنه حسا كالموت أو حكما كالعتق والوقف والبيع والهبة، (أو كاتب العبد) أو الأمة كتابة صحيحة، (فلا رجوع) لخروجه عن ملكه في الفوات، وفي الكتابة هو كالخارج عن ملكه. وليس للبائع فسخ هذه التصرفات بخلاف الشفيع ، لأن حق الشفعة كان ثابتا حين تصرف المشتري، لأنه يثبت بنفس البيع وحق الرجوع لم يكن ثابتا حين تصرف، لأنه إنما يثبت بالافلاس والحجر.
تنبيه: قد يفهم كلامه أنه لو زال ملكه ثم عاد لا رجوع، وهو الأصح في زيادة الروضة كما هو المصحح في الهبة للولد، وإن صحح في الشرح الصغير الرجوع، وأشعر برجحانه كلام الكبير، وقال الأسنوي: إنه الأصح. وعلى هذا لو عاد الملك بعوض ولم يوف الثمن إلى بائعه الثاني فهل الأول أولى لسبق حقه أو الثاني لقرب حقه أو يشتركان ويضارب كل بنصف الثمن إن تساوى الثمنان؟ فيه أوجه في الشرحين والروضة بلا ترجيح، رجح منها ابن الرفعة الثاني، وبه قطع الماوردي وابن كج وغيرهما. والاستيلاد كالكتابة كما في الروضة وأصلها، ووقع في فتاوى المصنف أنه يرجع، ولعله غلط من ناقله عنه فإنه قال في التصحيح: إنه لا خلاف في عدم الرجوع في الاستيلاد. ومنها أن لا يتعلق بالمبيع حق لازم، كرهن وجناية توجب مالا معلقا بالرقبة، فلو زال التعلق جاز الرجوع، وكذا لو عجز المكاتب، فلو قال البائع
(١٥٩)
مفاتيح البحث: البيع (5)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429