مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٦٦
عكسه، بدليل أن الاحرام مانع من ولاية النكاح ولا يسلب، ولهذا يزوج الحاكم دون الابعد. (واعتبار الأقوال) له وعليه في الدين والدنيا كالاسلام والمعاملات لعدم قصده، وسكت المصنف عن الافعال. فمنها ما هو معتبر كإحباله وإتلافه مال غيره وتقرير المهر بوطئه، وترتب الحكم على إرضاعه والتقاطه واحتطابه واصطياده وعمده عمد على الصحيح، أي:
حيث كان له نوع تمييز. ومنها ما هو غير معتبر كالصدقة والهدية، ولو أحرم شخص ثم جن فقتل صيدا ليلزمه جزاؤه كما مر في بابه، والصبي كالمجنون في الأقوال والافعال إلا أن الصبي المميز يعتبر قوله في إذن الدخول وإيصال الهدية، ويصح إحرامه بإذن وليه كما مر في بابه، وتصح عبادته، وله إزالة المنكر ويثاب عليه كالبالغ، قاله في زيادة الروضة في باب الغصب. وأما إسلام سيدنا علي رضي الله تعالى عنه فكان الحكم إذ ذاك منوطا بالتمييز. وألحق القاضي بالمجنون النائم والأخرس الذي لا يفهم. قال الأذرعي: وفيه نظر، إذ لا يتخيل أحد أن النائم يتصرف عليه وليه، وأما الأخرس المذكور فإنه لا يعقل، وإن احتيج إلى إقامة أحد مقامه فينبغي أن يكون هو الحاكم اه‍. وهو كما قال، وإنما ألحقه به في عدم صحة تصرفه فلا ولي له مطلقا، وإن قال بعض المتأخرين: لعل كلام القاضي محمول على نائم أحوج طول نومه إلى النظر في أمره وكان الايقاظ يضره مثلا. (ويرتفع) حجر المجنون (بالإفاقة) من الجنون من غير احتياج إلى فك، وقضيته عود الولايات واعتبار الأقوال، نعم لا تعود ولاية القضاء ونحوه إلا بولاية جديدة. (وحجر الصبي يرتفع ببلوغه رشيدا) لقوله تعالى: * (وابتلوا اليتامى) * الآية، والابتلاء الاختبار والامتحان، والرشد ضد الغي كما مر في خطبة الكتاب، وفي سنن أبي داود:
لا يتم بعد الاحتلام والمراد من إيناس الرشد العلم به. وأصل الايناس الابصار، ومنه: * (آنس من جانب الطور نارا) *: أي أبصر.
تنبيه: قوله: رشيدا عبر به جماعة، ومنهم من قال بالبلوغ. قال الشيخان: ليس هذا اختلافا محققا بل من قال بالأول أراد الاطلاق الكلي، ومن قال بالثاني أراد حجر الصبا، وهذا أولى لأن الصبا سبب مستقل بالحجر، وكذا التبذير وأحكامهما متغايرة، ومن بلغ مبذرا فحكم تصرفه حكم تصرف السفيه لا حكم تصرف الصبي اه‍. قال الأسنوي:
كلام الكتاب لا يستقيم إن قرئ بلفظ الصبا بكسر الصاد وإن قرئ بفتحها استقام، لكنه بعيد عن كلامه اه‍. قال ابن شهبة: والمحفوظ قراءته بفتحها ولا بعد فيه فليتأمل اه‍. ولو بلغ وادعى الرشد وأنكره وليه لم ينفك الحجر عنه، ولا يحلف الولي كالقاضي والقيم بجامع أن كلا أمين ادعى انعزاله، ولان الرشد يوقف عليه بالاختبار فلا يثبت بقوله. قال الأذرعي: ولان الأصل يعضد قوله، بل الظاهر أيضا، لأن الظاهر في قريب العهد بالبلوغ عدم الرشد، فالقول قوله في دوام الحجر إلا أن تقوم بينة بالرشد. (والبلوغ) يحصل إما (باستكمال خمس عشرة سنة) قمرية كما صرح به في المحرر، تحديدية كما قاله المصنف في الأصول والضوابط، وكما يؤخذ من كلامه الآتي لخبر ابن عمر: عرضت على النبي (ص) يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني ولم يرني بلغت، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني ورآني بلغت رواه ابن حبان وأصله في الصحيحين، وابتداؤها من انفصال جميع الولد. والمراد بقول ابن عمر: وأنا ابن أربع عشرة سنة، أي طعنت فيها، وبقوله: وأنا ابن خمس عشرة سنة، أي استكملتها، لأن غزوة أحد كانت في شوال سنة ثلاث، والخندق كان في جمادى سنة خمس.
فائدة: قال القمولي: قال الشافعي: رد النبي (ص) سبعة عشر من الصحابة وهم أبناء أربعة عشر لأنه لم يرهم بلغوا، ثم عرضوا عليه وهم أبناء خمسة عشر فأجازهم، منهم زيد بن ثابت ورافع بن خديج وابن عمر. (أو خروج المني) لوقت إمكانه من ذكر أو أنثى، لقوله تعالى: * (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا) *، ولخبر: رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم. والحلم الاحتلام، وهو لغة ما يراه النائم، والمراد به هنا خروج المني في نوم أو يقظة بجماع أو غيره، وقيل: لا يكون في النساء لأنه نادر فيهن.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429