في الأصح لكان أحسن. (و) يشترط (كونه) أي المسلم فيه، (معلوم القدر كيلا) فيما يكال، (أو وزنا) فيما يوزن للحديث المار أول الباب. (أو عدا) فيما يعد، (أو ذرعا) فيما يذرع قياسا على ما قبلهما. فإن قيل: لم خص في الحديث الكيل والوزن؟ أجيب بأن ذلك لغلبتهما وللتنبيه على غيرهما. (ويصح المكيل) أي سلمه، (وزنا وعكسه) أي لموزون الذي يتأتى كيله كيلا. وحمل الامام إطلاق الأصحاب جواز كيل الموزون على ما يعد الكيل في مثله ضابطا فيه، بخلاف نحو فتات المسك والعنبر لأن للقدر اليسير منه مالية كثيرة، والكيل لا يعد ضابطا فيه؟ نقله عن الرافعي وسكت عليه، ثم ذكر أنه يجوز السلم في اللآلئ الصغار إذا عم وجودها كيلا ووزنا، وقال في الروضة: هذا مخالف لما تقدم عن الامام. فكأنه اختار هنا ما تقدم من إطلاق الأصحاب. وأجاب عنه البلقيني بأنه ليس مخالفا له لأن فتات المسك والعنبر ونحوهما مما لا يعد الكيل فيه ضابطا لكثرة التفاوت بالنقل على المحل وتركه، وفي اللؤلؤ لا يحصل بذلك تفاوت كالفول والقمح فيصح فيه بالكيل فلا مخالفة. فالمعتمد تقييد الامام، وبه جزم المصنف في تصحيح التنبيه. واستثنى الجرجاني وغيره النقدين أيضا فلا يسلم فيهما إلا بالوزن، وينبغي أن يكون الحكم كذلك في كل ما فيه خطر في التفاوت بين الكيل والوزن كما قاله ابن يونس. فإن قيل: لم لا يتعين هنا في المكيل الكيل وفي الموزون الوزن كما في باب الربا؟
أجيب بأن المقصود هنا معرفة القدر، وثم المماثلة بعادة عهده (ص). (ولو أسلم في مائة صاع حنطة) مثلا (على أن وزنها كذا) أو في ثوب مثلا صفته كذا ووزنه كذا وذرعه كذا، (لم يصح) لأنه يعز وجوده بخلاف الخشب لأن زائده ينحت، قاله الشيخ أبو حامد وأقراه. فإن قيل: يعتبر فيه ذكر العرض والطول والثخانة، وبالنحت تزول إحدى هذه الصفات. أجيب بأن وزنه على التقريب كما سيأتي في اللبن.
تنبيه: لو قال المصنف: مائة صاع كيلا كان أولى لأن الصاع اسم للوزن. (ويشترط الوزن في البطيخ) بكسر الباء، (والباذنجان) بفتح المعجمة وكسرها، (والقثاء) بالمثلثة والمد، (والسفرجل) بفتح الجيم، (والرمان) وما أشبه ذلك مما لا يضبطه الكيل لتجافيه في المكيال كالرانج وقصب السكر والبقول. ولا يكفي فيها العد لكثرة التفاوت فيها.
والجمع فيها بين الوزن والعد مفسد لأنه يحتاج معه إلى ذكر الجرم فيورث عزة الوجود. وقول السبكي: ولو أسلم في عدد من البطيخ مثلا كمائة بالوزن في الجميع دون كل واحد جاز اتفاقا ممنوع كما قال شيخي، لأنه يشترط ذكر حجم كل واحدة، فيؤدي إلى عزة الوجود. قال الرافعي: ولا يجوز السلم في البطيخة الواحدة والسفرجلة الواحدة لأنه يحتاج إلى ذكر حجمها ووزنها، وذلك يورث عزة الوجود. (ويصح) السلم (في الجوز واللوز بالوزن) لا بالعد، (في نوع يقل اختلافه) بغلظ قشورها ورقتها، بخلاف ما لا يقل اختلافه بذلك فلا يصح السلم فيه لاختلاف الأغراض في ذلك. وهذا التقييد استدركه الامام على إطلاق الأصحاب الجواز، وسكت عليه الرافعي وجزم به المحرر والمصنف هنا وفي الروضة، لكنه قال في شرح الوسيط بعد ذكره له: والمشهور في المذهب ما أطلقه الأصحاب ونص عليه الشافعي. قال الأسنوي: والصواب التمسك بما قاله في شرح الوسيط لأنه متسع لا مختصر اه. وهذا هو المعتمد، ويؤيده كما قال ابن شهبة إطلاق الشيخين في باب الربا جواز بيع الجوز بالجوز وزنا، واللوز باللوز كيلا مع قشرهما، ولم يشترطا فيه هذا الشرط مع أن الربا أضيق من السلم. (وكذا) يصح السلم فيما ذكر (كيلا في الأصح) قياسا على الحبوب والتمر. والثاني: لا، لتجافيهما في المكيال.
ومحل الخلاف في غير الجوز الهندي، أما هو فيتعين فيه الوزن جزما ولا يصح بالعد. ولو عبر المصنف بالأظهر لكان أولى لأن الخلاف قولان لا وجهان. قال السبكي: ويجوز الكيل والوزن في البندق والفستق، قال: ولا أظن فيهما خلافا، وعبارة الروضة موهمة للخلاف فيهما اه. وإنما يجوز السلم في هذه الأشياء في القشر الأسفل فقط. نعم لو أسلم في اللوز