مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٠٧
في الأصح لكان أحسن. (و) يشترط (كونه) أي المسلم فيه، (معلوم القدر كيلا) فيما يكال، (أو وزنا) فيما يوزن للحديث المار أول الباب. (أو عدا) فيما يعد، (أو ذرعا) فيما يذرع قياسا على ما قبلهما. فإن قيل: لم خص في الحديث الكيل والوزن؟ أجيب بأن ذلك لغلبتهما وللتنبيه على غيرهما. (ويصح المكيل) أي سلمه، (وزنا وعكسه) أي لموزون الذي يتأتى كيله كيلا. وحمل الامام إطلاق الأصحاب جواز كيل الموزون على ما يعد الكيل في مثله ضابطا فيه، بخلاف نحو فتات المسك والعنبر لأن للقدر اليسير منه مالية كثيرة، والكيل لا يعد ضابطا فيه؟ نقله عن الرافعي وسكت عليه، ثم ذكر أنه يجوز السلم في اللآلئ الصغار إذا عم وجودها كيلا ووزنا، وقال في الروضة: هذا مخالف لما تقدم عن الامام. فكأنه اختار هنا ما تقدم من إطلاق الأصحاب. وأجاب عنه البلقيني بأنه ليس مخالفا له لأن فتات المسك والعنبر ونحوهما مما لا يعد الكيل فيه ضابطا لكثرة التفاوت بالنقل على المحل وتركه، وفي اللؤلؤ لا يحصل بذلك تفاوت كالفول والقمح فيصح فيه بالكيل فلا مخالفة. فالمعتمد تقييد الامام، وبه جزم المصنف في تصحيح التنبيه. واستثنى الجرجاني وغيره النقدين أيضا فلا يسلم فيهما إلا بالوزن، وينبغي أن يكون الحكم كذلك في كل ما فيه خطر في التفاوت بين الكيل والوزن كما قاله ابن يونس. فإن قيل: لم لا يتعين هنا في المكيل الكيل وفي الموزون الوزن كما في باب الربا؟
أجيب بأن المقصود هنا معرفة القدر، وثم المماثلة بعادة عهده (ص). (ولو أسلم في مائة صاع حنطة) مثلا (على أن وزنها كذا) أو في ثوب مثلا صفته كذا ووزنه كذا وذرعه كذا، (لم يصح) لأنه يعز وجوده بخلاف الخشب لأن زائده ينحت، قاله الشيخ أبو حامد وأقراه. فإن قيل: يعتبر فيه ذكر العرض والطول والثخانة، وبالنحت تزول إحدى هذه الصفات. أجيب بأن وزنه على التقريب كما سيأتي في اللبن.
تنبيه: لو قال المصنف: مائة صاع كيلا كان أولى لأن الصاع اسم للوزن. (ويشترط الوزن في البطيخ) بكسر الباء، (والباذنجان) بفتح المعجمة وكسرها، (والقثاء) بالمثلثة والمد، (والسفرجل) بفتح الجيم، (والرمان) وما أشبه ذلك مما لا يضبطه الكيل لتجافيه في المكيال كالرانج وقصب السكر والبقول. ولا يكفي فيها العد لكثرة التفاوت فيها.
والجمع فيها بين الوزن والعد مفسد لأنه يحتاج معه إلى ذكر الجرم فيورث عزة الوجود. وقول السبكي: ولو أسلم في عدد من البطيخ مثلا كمائة بالوزن في الجميع دون كل واحد جاز اتفاقا ممنوع كما قال شيخي، لأنه يشترط ذكر حجم كل واحدة، فيؤدي إلى عزة الوجود. قال الرافعي: ولا يجوز السلم في البطيخة الواحدة والسفرجلة الواحدة لأنه يحتاج إلى ذكر حجمها ووزنها، وذلك يورث عزة الوجود. (ويصح) السلم (في الجوز واللوز بالوزن) لا بالعد، (في نوع يقل اختلافه) بغلظ قشورها ورقتها، بخلاف ما لا يقل اختلافه بذلك فلا يصح السلم فيه لاختلاف الأغراض في ذلك. وهذا التقييد استدركه الامام على إطلاق الأصحاب الجواز، وسكت عليه الرافعي وجزم به المحرر والمصنف هنا وفي الروضة، لكنه قال في شرح الوسيط بعد ذكره له: والمشهور في المذهب ما أطلقه الأصحاب ونص عليه الشافعي. قال الأسنوي: والصواب التمسك بما قاله في شرح الوسيط لأنه متسع لا مختصر اه‍. وهذا هو المعتمد، ويؤيده كما قال ابن شهبة إطلاق الشيخين في باب الربا جواز بيع الجوز بالجوز وزنا، واللوز باللوز كيلا مع قشرهما، ولم يشترطا فيه هذا الشرط مع أن الربا أضيق من السلم. (وكذا) يصح السلم فيما ذكر (كيلا في الأصح) قياسا على الحبوب والتمر. والثاني: لا، لتجافيهما في المكيال.
ومحل الخلاف في غير الجوز الهندي، أما هو فيتعين فيه الوزن جزما ولا يصح بالعد. ولو عبر المصنف بالأظهر لكان أولى لأن الخلاف قولان لا وجهان. قال السبكي: ويجوز الكيل والوزن في البندق والفستق، قال: ولا أظن فيهما خلافا، وعبارة الروضة موهمة للخلاف فيهما اه‍. وإنما يجوز السلم في هذه الأشياء في القشر الأسفل فقط. نعم لو أسلم في اللوز
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429