مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٠٥
غير صالح للتسليم اشترط البيان كما قاله ابن الرفعة، فإن عينا غيره تعين بخلاف المبيع المعين لأن السلم يقبل التأجيل فقبل شرطا يتضمن تأخير التسليم بخلاف البيع. والمراد بموضع العقد تلك المحلة لا نفس موضع العقد. والثمن في الذمة كالمسلم فيه، والثمن العين كالبيع المعين، وفي زيادة الروضة: قال في التتمة: كل عوض ملتزم في الذمة، أي غير مؤجل، من نحو أجرة وصداق وعوض خلع له حكم السلم الحال إن عين لتسليمه مكان تعين، وإلا تعين موضع العقد لأن كل عوض ملتزم في الذمة يقبل التأجيل كالمسلم فيه فيقبل شرطا يتضمن تأخير التسليم كما مر. (ويصح) السلم (حالا ومؤجلا) بأن يصرح بهما. أما المؤجل فبالنص والاجماع، وأما الحال فبالأولى لبعده عن الغرر. فإن قيل: الكتابة لا تصح بالحال وتصح بالمؤجل. أجيب بأن الاجل فيها إنما وجب لعدم قدرة الرقيق، والحلول ينافي ذلك. فإن قيل: قال رسول الله (ص): إلى أجل معلوم. أجيب بأن المراد العلم بالأجل، لا الاجل كما في الكيل والوزن بدليل الجواز بالذرع، وإنما يصح حالا إذا كان المسلم فيه موجودا عند العقد وإلا اشترط فيه الاجل كالكتابة، وليس لنا عقد يشترط فيه الاجل غيرهما. فإن قيل: ما فائدة العدول من البيع إلى السلم الحال؟ أجيب بأن فائدته جواز العقد مع غيبة المبيع، فإن المبيع قد لا يكون حاضرا مرئيا فلا يصح بيعه، وإن أخره لاحضاره ربما فات على المشتري، ولا يتمكن من الانفساخ إذا هو متعلق بالذمة. (فإن أطلق) عن الحلول والتأجيل وكان المسلم فيه موجودا، (انعقد حالا) كالثمن في البيع المطلق والأجرة، فإن لم يكن المسلم فيه موجودا لم يصح. (وقيل لا ينعقد) لأن المعتاد في السلم التأجيل فحمل المطلق عليه، فيكون كما لو ذكر أجلا مجهولا. وعلى الأول لو ألحقا به أجلا في المجلس لحق على الأصح كما لا يجوز تعيين رأس المال فيه، ولو صرحا بالأجل في العقد ثم أسقطاه في المجلس سقط وصار العقد حالا، ولو حذفا فيه المفسد لم ينقلب العقد الفاسد صحيحا. (ويشترط) في المؤجل (العلم بالأجل) بأن يكون معلوما مضبوطا، فلا يجوز بما يختلف كالحصاد وقدوم الحاج والميسرة للحديث المار أول الباب، ولا يصح التأقيت بالشتاء والصيف والعطاء إلا أن يريد العاقدان وقتها المعين فيصح.
(فإن عين) العاقدان (شهور العرب أو الفرس أو الروم جاز) لأنها معلومة مضبوطة. ويصح التأقيت بالنيروز وهو نزول الشمس برج الميزان، وبالمهرجان وهو بكسر الميم وقت نزولها برج الحمل، وبعيد الكفار كفصح النصارى وفطير اليهود إن عرفها المسلمون، ولو عدلين منهم، أو المتعاقدان، بخلاف ما إذا اختص الكفار بمعرفتها إذ لا يعتمد قولهم. نعم إن كانوا عددا كثيرا يمتنع تواطؤهم على الكذب جاز كما قاله ابن الصلاح، لحصول العلم بقولهم. فإن قيل: لم اكتفى هنا بمعرفة العاقدين الاجل أو معرفة عدلين ولم يكتف بذلك في صفات المسلم فيه كما سيأتي؟ أجيب بأن الجهالة هنا راجعة إلى الاجل وهناك راجعة إلى المعقود عليه، فجاز أن يحتمل هنا ما لا يحتمل هناك. (وإن أطلق) الشهر (حمل على الهلالي) وهو ما بين الهلالين لأنه عرف الشرع، وذلك بأن يقع العقد أول الشهر، (فإن انكسر شهر) بأن وقع العقد في أثنائه، والتأجيل بأشهر، (حسب الباقي) بعد الأول المنكسر (بالأهلة وتمم الأول ثلاثين) مما بعدها، لأنه لما تعذر الهلالي في المنكسر رجعنا إلى العدد، ولا يكفي المنكسر لئلا يتأخر ابتداء الاجل عن العقد. نعم لو وقع العقد في اليوم الأخير من الشهر اكتفي بالأشهر بعده بالأهلة تامة كانت أو ناقصة، ولا يكمل اليوم مما بعدها إن نقص آخرها كما هو قضية كلام المصنف لأنها مضت عربية كوامل. والسنة المطلقة تحمل على الهلالية دون غيرها لأنها عرف الشرع، قال تعالى: * (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) *. فإن عقد في آخر يوم من الشهر وفي معناه ليلته، فكل السنة هلالية إن نقص الشهر الأخير، وإن كمل انكسر اليوم الأخير الذي عقدا فيه، فيكمل منه المنكسر ثلاثين يوما لتعذر اعتبار الهلال فيه دون البقية. وإن عقدا بعد لحظة من المحرم وأجلا بسنة مثلا فهو منكسر وحده، فيكمل من السنة الثانية. وإن أجلا
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429