مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٩٦
تقديم المشتري، وقيل وجوبا واختاره السبكي. وإنما بدأ به لأن جانبه أقوى لأن المبيع يعود إليه بعد الفسخ المترتب على التحالف، ولان ملكه على الثمن قد تم بالعقد وملك المشتري على المبيع لا يتم إلا بالقبض. (وفي قول) يبدأ (بالمشتري) ون البائع يدعي عليه زيادة ثمن، والأصل براءة ذمته منها، ولان المبيع في ملكه فيقوى جانبه. (وفي قول يتساويان) لأن كل واحد منهما مدع ومدعى عليه فلا ترجيح. وعلى هذا (فيتخير الحاكم) فيمن يبدأ به منهما، (وقيل يقرع) بينهما، كما لو حضرا معا للدعوى فيبدأ بمن خرجت قرعته. قال الامام: وتقديم أحد الجانبين مخصوص بما إذا باع عرضا بثمن في الذمة، أما إذا كانا معينين أو في الذمة فلا يتجه إلا التسوية. والزوج في الصداق كالبائع فيبدأ به لقوة جانبه ببقاء التمتع له كما قوي جانب البائع بعود المبيع إليه، ولان أثر التحالف يظهر في الصداق لا في البضع وهو باذله فكان كبائعه. (والصحيح أنه يكفي كل واحد) منهما (يمين تجمع نفيا) لقول صاحبه، (وإثباتا) لقوله، لأن الدعوى واحدة ومنفي كل منهما في ضمن مثبته فجاز التعرض في اليمين الواحدة للنفي والاثبات، ولأنها أقرب لفصل الخصومة.
والثاني: أنه يفرد النفي بيمين والاثبات بأخرى لأنه مدع ومدعى عليه. وكان التعبير بالمذهب أولى كما في الروضة، لأن الأول منصوص مقطوع به. وقوله: ويكفي فيه إشعار بجواز العدول إلى اليمين وهو الظاهر، وإن أفهم كلام الماوردي خلافه. (ويقدم) في اليمين (النفي) ندبا لا وجوبا لحصول المقصود بكل منهما. (فيقول) البائع في قدر الثمن مثلا: والله (ما بعت بكذا ولقد بعت بكذا) ويقول المشتري: والله ما اشتريت بكذا ولقد اشتريت بكذا. وهذه الكيفية هي المشهورة في كلام الأصحاب. وقال الصيمري: يقول البائع: ما بعت إلا بكذا، ويقول المشتري: ما اشتريت إلا بكذا لأنه أسرع إلى فصل القضاء، ويلزمه الاكتفاء أيضا، إنما بعت بكذا وإنما اشتريت بكذا. والصحيح أن ذلك لا يكفي لأنهم إنما يكتفون في ذلك بالتصريح.
تنبيه: يفهم من كلام المصنف أنه لا يحتاج إلى صيغة حصر، وهو كذلك وإن كانت عبارة الروضة في البائع:
ما بعت بكذا وإنما بعت بكذا، وفي المشتري: ما اشتريت بكذا وإنما اشتريت بكذا، إذ لا حاجة إلى الحصر بعد النفي. (وإذا تحالفا فالصحيح أن العقد لا ينفسخ) بنفس التحالف لأن البينة أقوى من اليمين، ولو أقام كل منهما بينة لم ينفسخ فبالتحالف أولى. (بل إن تراضيا) على ما قاله أحدهما أقر العقد. قال القاضي: ولا رجوع لمن رضي صاحبه، وإن سمح أحدهما للآخر بما ادعاه أجبر الآخر، وإن أعرضا عن الخصومة أعرض عنهما كما نقله الأسنوي عن القاضي.
ويفهمه كلام ابن المقري في شرح إرشاده وإن فهم بعض المتأخرين عنه خلافه. (وإلا) بأن استمر نزاعهما، (فيفسخانه أو أحدهما) لأنه فسخ لاستدراك الظلامة فأشبه الرد بالعيب. (أو الحاكم) لقطع النزاع. وحق الفسخ بعد التحالف ليس على الفور، فلو لم يفسخا في الحال كان لهما بعد ذلك على الأشبه في المطلب لبقاء الضرر المحوج للفسخ. (وقيل إنما يفسخه الحاكم) لأنه فسخ مجتهد فيه فلا يفسخ أحدهما، وصححه جمع. ومقابل الصحيح أنه ينفسخ بالتحالف.
ولا بد أن يكون التحالف عند حاكم، فلو تحالفا بأنفسهما لم يكن لايمانهما تأثير في فسخ ولا لزوم، قاله الماوردي وغيره. والمحكم كالحاكم كما بحثه بعض المتأخرين. وإذا فسخا انفسخ ظاهرا وباطنا كالإقالة، وكذا إن فسخ القاضي أو الصادق منهما لتعذر وصولهما إلى حقهما كما في الفسخ بالافلاس، فلكل منهما التصرف فيما عاد إليه. وإن فسخ الكاذب لم ينفسخ باطنا لترتبه على أصل كاذب. وطريق الصادق إنشاء الفسخ إن أراد الملك فيما عاد إليه وإن لم يرده، فإن أنشأ الفسخ أيضا فذاك وإلا فقد ظفر بمال من ظلمه فيتملكه إن كان من جنس حقه وإلا فيبيعه ويستوفي حقه من ثمنه. وللمشتري وطئ الجارية المبيعة حال النزاع وقبل التحالف على الأصح لبقاء ملكه، وفي جوازه فيما بعده
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429