مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٠٣
قبل القبض فيؤخذ منه ثبوت الخيار، وبه صرح في الأنوار وإن جزم السبكي بخلافه. ولو قال المسلم: أقبضتك بعد التفرق وقال المسلم إليه قبله ولا بينة، صدق مدعي الصحة كما علم مما مر، وإن أقاما بينتين قدمت بينة المسلم إليه لأنها مع موافقتها الظاهر ناقلة، والأخرى مستصحبة. ولا يكفي قبض المسلم في الحال في المجلس عن قبض رأس المال، لأن تسليمه فيه تبرع، وأحكام البيع لا تبنى على التبرعات.
تنبيه: أفهم كلام المصنف أنه لو قال: أسلمت إليك المائة التي في ذمتك مثلا في كذا أنه لا يصح السلم، وهو كذلك. (فلو أطلق) ك‍ أسلمت إليك دينارا في ذمتي في كذا (ثم عين) الدينار (وسلم في المجلس) قبل التخاير، (جاز) ذلك، لأن المجلس حريم العقد فله حكمه، فإن تفرقا أو تخايرا قبله بطل العقد. (ولو أحال) المسلم المسلم إليه (به) أي رأس المال، (وقبضه المحال) وهو المسلم إليه، (في المجلس فلا) يجوز ذلك، سواء أذن في قبضه المحيل أم لا ، لأن بالحوالة يتحول الحق إلى ذمة المحال عليه فهو يؤديه عن جهة نفسه لا عن جهة المسلم. نعم إن قبضه المسلم من المحال عليه أو من المسلم إليه بعد قبضه بإذنه وسلم إليه في المجلس صح، وإن أمره المسلم بالتسليم إليه ففعل لم يكف لصحة السلم، لأن الانسان في إزالة ملكه لا يصير وكيلا لغيره، لكن يصير السلم إليه وكيلا للمسلم في قبضه ذلك، ثم السلم يقتضي قبضا آخر، ولا يصح قبضه من نفسه. وإن جرت الحوالة من السلم إليه على رأس المال وتفرقا قبل التسليم بطل العقد وإن جعلنا الحوالة قبضا، لأن المعتبر هنا القبض الحقيقي، ولهذا لا يكفي عنه الابراء. نعم إن أمر المسلم إليه المسلم بالتسليم إلى المحتال ففعل في المجلس صح القبض وكان المحتال وكيلا فيه عن المسلم إليه فيصح العقد، على خلاف ما مر في إحالة المسلم. والفرق ما وجهوا به ذلك من أن القبض فيه بقبض عن غير جهة السلم بخلافه هنا، والحوالة في المسألتين بكل تقدير فاسدة لتوقف صحتها عن صحة الاعتياض عن المحال به وعليه وهي منتفية في رأس مال السلم، ولان صحتها تستلزم صحة السلم بغير قبض حقيقي.
تنبيه: قوله: وقبضه المحال ليس شرطا بل غاية، فلو لم يقبضه فأولى بالبطلان، فلو قال وإن قبض كان أولى.
ولو صالح عن رأس المال لم يصح لعدم قبض رأس المال في المجلس. ولو كان رأس المال رقيقا فأعتقه المسلم إليه قبل القبض لم يكن قبضا، ثم إن تفرقا بعد القبض بأن صحة العقد لوجود الشرط ونفذ العتق على المعتمد كما جزم به الشيخ عبد الغفار القزويني. وهو أحد وجهين في الروضة صححه أبو عبد الله الحجازي في مختصرها. وإن تفرقا قبله بطل العقد، ولو كان الرقيق يعتق على المسلم إليه فقياس ما ذكر الصحة إن قبضه قبل التفرق وإلا فلا. (ولو قبضه) المسلم إليه في المجلس (وأودعه المسلم) قبل التفرق (جاز) لأن الوديعة لا تستدعي لزوم الملك، وكذا يجوز لوروده إليه عن دينه كما اقتضاه كلام أصل الروضة في باب الربا وصححه في المهمات هنا ك البغوي، خلافا لما نقلاه عن الروياني هنا وأقراه، لأن تصرف أحد العاقدين في مدة خيار الآخر إنما يمتنع إذا كان مع غير الآخر، لأن صحته تقتضي إسقاط ما ثبت له من الخيار، أما معه فيصح، ويكون ذلك إجازة منهما. (ويجوز كونه) أي رأس المال، (منفعة) معلومة كما يجوز جعلها ثمنا أو أجرة وصداقا. (وتقبض بقبض العين) لأنه لما تعذر القبض الحقيقي اكتفي بهذا، لأنه الممكن في قبض المنفعة لأنها تابعة لها. ومن هذا يؤخذ أنه لو جعل رأس المال عقارا غائبا ومضى في المجلس زمن يمكن فيه المضي إليه والتخلية صح، لأن القبض فيه بذلك، وهو كذلك. وقضية كلامه أنه لو كانت المنفعة متعلقة ببدنه كتعليم سورة وخدمة شهر صح، وبه صرح الروياني ولم يطلع عليه الأسنوي فبحثه، لكن استثنى منه ما لو سلم نفسه ثم أخرجها من التسليم لأن الحر لا يدخل تحت اليد. قال شيخنا: وما استثناه مردود، إذ لا يمكنه إخراج نفسه كما في الإجارة. (وإذا فسخ السلم) بسبب يقتضيه كانقطاع المسلم فيه عند حلوله، (ورأس المال باق) لم يتعلق به حق ثالث، (استرده بعينه) وليس للمسلم إليه إبداله سواء أورد العقد عليه أم على الذمة ثم عين في المجلس. (وقيل:
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429