على الأجير، وأن القاضي يقضى بعلمه، وكان لا يبوح به خشية قضاة السوء. وقال الفارقي: بعد أن صحح الأول إلا أن يعمل به: أي بالثاني لفساد الناس. قال ولى نحو ثلاثين سنة ما أفتيت بواحد من القولين ولا حكمت إلا بالمصلحة (والثالث يضمن) الأجير (المشترك) وفسر المشترك بقوله (وهو من التزم عملا في ذمته) كعادة القصارين والخياطين، وسمى مشتركا لأنه إن التزم العمل لجماعة فذلك، أو الواحد أمكنه أن يلتزم لاخر مثله، فكأنه مشترك بين الناس (لا) الأجير، (المنفرد، وهو من أجر نفسه مدة معينة لعمل) لغيره لا يمكنه شرعا التزام مثله لآخر في تلك المدة، سمى بذلك لانفراد المستأجر بمنفعة في تلك المدة، والفرق أن المنفرد منافعه مختصة بالمستأجر في المدة فيده كيد الوكيل مع الموكل بخلاف المشترك.
(تنبيه) قول المصنف مدة معينة ليس بقيد لأن المأخذ كونه أوقع الإجارة على عينه، وقد يقدر بالعمل دون المدة كعكسه، واحترز بقوله: بلا تعد عما إذا تعدى فيضمن مطلقا كما لو أسرف الخبار في الوقود أو ترك الخبر في النار حتى احترق أو ضرب على التأديب والتعليم للصبي فمات لأن تأديبه بغير الضرب ممكن، ومتى اختلفا في التعدي عمل بقول عدلين من أهل الخبرة، فإن لم يجدهما فالقول قول الأجير، وحيث ضمنا الأجير، فإن كان بتعد فبأقصى قيمه من وقت القبض إلى وقت التلف، وإن كان بغيره فبوقت التلف.
(فرع) الأجير لحفظ الدكان مثلا لا ضمان عليه إذا أخذ ما فيه لأنه لا يدل على المال. قال القفال وهو بمنزلة الحارس في السكة لو سرق من بيت من بيوت السكة لم يم يكن عليه شئ، ويعلم منه كما قال الزركشي: أن الخفراء لا ضمان عليهم (ولو دفع ثوبا) بلا استئجار (إلى قصار ليقصره أو) إلى (خياط ليخيطه) أو نحو ذلك كغسال يغسله (ففعل) ذلك (ولم يذكر) له (أجرة فلا أجرة له) على الأصح المنصوص، وقول الجمهور لأنه لم يلتزم له عوضا فصار كقوله: أطعمني فأطعمه قال في البحر: ولأنه لو قال أسكني دارك شهرا لا يستحق عليه جرة بالاجماع (وقيل له) أجرة مثل لاستهلاك الدافع عمله (وقيل إن معروفا بذلك العمل) بأجرة (فله) أجرة المثل. وقال الشيخ عز الدين تجب له الأجرة التي جرت بها العادة لذلك العمل وطن زادت على أجرة المثل (وإلا) أي لم يكن معروفا بذلك العمل (فلا) أجرة (وقد يستحسن) هذا الوجه لدلالة العرف على ذلك وقيامه مقام اللفظ كما في نظائره، وعلى هذا عمل الناس. وقال الغزالي: إنه الأظهر وقال الشيخ عز الدين: إنه الأصح، وحكاه الروياني في الحلية عن الأكثرين وقال إنه الاختيار. وقال في البحر وبه أفتى وأفتى به خلائق من المتأخرين، وإذا قلنا لا أجرة له على الأصح فمحله كما قال الأذرعي إذا كان حرا مطلق التصرف، أما لو كان عبدا أو محجورا عليه بسفه ونحوه فلا إذ ليسوا من أهل التبرع بمنافعهم المقابلة بالأعواض واحترز بقوله ولم يذكر أجرة عما إذا قال مجانا فلا يستحق شيئا قطعا ومالو أجرة فيستحقها جزما وإن كانت صحيحة فالمسمى و إلا فأجرة المثل، ولو عرض بذكر كاعمل وأنا أرضيك أو اعمل وما ترى منى إلا ما يسرك أو نحو ذلك كقوله حتى أحاسبك استحق أجرة المثل كما في البيان وغيره وقد ترد هذه على المصنف لأنه لم يذكر في هذه أجرة إلا أن يكون مراده ولم يذكر أجرة لا تصريحا ولا تعريضا. ويستثنى من الخلاف المذكور في المتن مسائل: إحداها عامل المساقاة إذا عمل ما ليس من أعمالها بإذن المالك، فإنه يستحق الأجرة كما مر في بابها. قال بعضهم: ولا تستثنى لأن عمله تابع لما فيه أجرة فقد تقدم ذكر الأجرة في الجملة. ثانيها عامل الزكاة فإنه يستحق العوض ولو لم يسم قال الزركشي ولا تستثنى لأن الأجرة ثابتة له بنص القرآن فهي مسماة شرعا وإن لم يسمها الإمام. ثالثها عامل القسمة بأمر الحاكم فللقاسم الأجرة من غير تسمية