فإنهما لا يدخلان. وفرق الأول بأن المقر به أو المبيع هناك الساحة وليس الجدار منها بخلاف الدراهم. قال بعض المتأخرين:
وذكر الجدار مثال فالشجرة كذلك، بل لو قال من هذه الدراهم إلى هذه الدراهم فكذلك فيما يظهر، لأن القصد التحديد لا التقييد اه. وما بحثه في الدراهم ممنوع بالفرق المذكور. وهذه المسألة قد سبق ذكرها في الضمان، فالحكم فيه وفي الاقرار والابراء والوصية واليمين والنظر واحد. فإن قيل: قد قالوا فيما لو قال لزوجته: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث أنه يقع عليه الثلاث، فقياسه لزوم العشرة هنا. أجيب بأن عدد الطلاق محصور فأدخلوا فيه الطرفين بخلافه هنا، وإن قال: له علي ما بين الدرهم والعشرة أو ما بين الدرهم إلى العشرة لزمه ثمانية إخراجا للطرفين لأن ما بينهما لا يشملهما.
(وإن قال): له علي (درهم في عشرة، فإن أراد المعية) بأن قال: أردت مع العشرة دراهم له (لزمه أحد عشر) درهما، لأن في تستعمل بمعنى مع كما في قوله تعالى: * (فادخلي في عبادي) *. فإن قيل: قد جزموا فيما لو قال: له علي درهم مع درهم أنه يلزمه درهم واحد لاحتمال أن يريد مع درهم لي فمع نية مع أولى. أجيب بأن قصد المعية في قوله: درهم في عشرة بمثابة حرف العطف، والتقدير: له درهم وعشرة، ولفظ المعية مرادف لحرف العطف بدليل تقديرهم في جاء زيد وعمرو بقولهم: مع عمرو، بخلاف قوله له علي درهم مع درهم، فإن مع فيه لمجرد المصاحبة، والمصاحبة تصدق بمصاحبة درهم لدرهم غيره، ولا يقدر فيها عطف عطف بالواو، ولهذا لا يلزمه إلا درهم إلا أن يريد: مع درهم آخر يلزمني فيلزمه درهمان. وأيضا فقوله: درهم مع درهم صريح في المعية، ودرهم في عشرة صريح في الظرفية، فإذا نوى بالثانية المعية لزمه الجميع عملا بنيته، وإن أراد به المعية لم يصح تقدير المعية بالمصاحبة لدرهم آخر، لأن فيه تكثير المجاز وهو ممتنع وأيضا امتنع ذلك لأن المعية مستفادة لا من اللفظ بل من نيته، فلو قدر معه مجازا لاضمار لكثر المجاز، وأما قوله: درهم مع درهم آخر فهو ظاهر في المعية المطلقة، فإذا أطلق لم يلزمه إلا درهم، فحصل الفرق من وجهين.
فإن قيل: سلمنا وجوب أحد عشر فينبغي أن يلزمه درهم ويرجع في تفسير العشرة إليه، كما لو قال: له علي ألف ودرهم فإن الألف مبهمة ويرجع في تفسيرها إليه. أجيب بأن قوله: ألف ودرهم فيه عطف الدرهم على الألف والألف مبهم، وههنا بالعكس، فإن عطف العشرة تقديرا على الدرهم والدرهم غير مبهم، فكانت العشرة من جنسه، لأن الأصل مشاركة المعطوف للمعطوف عليه. وأجيب أيضا بما قدرته في كلامه، لكن الجواب الأول أولى لأنه يشمل ما إذا لم تعلم له إرادة. (أو) أراد (الحساب) وهو يعرفه، (فعشرة) تلزمه لأنها موجبة عندهم، فإن لم يعرف الحساب فدرهم، وإن قال:
أرد ت ما يريده الحساب كما بحثه في الكفاية فإنه الصحيح في نظيره من الطلاق. (وإلا) بأن لم يرد المعية ولا الحساب وأراد الظرف، (فدرهم) لأنه المتيقن.
فصل: في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء، وقد بدأ بالقسم الأول فقال:
لو (قال: له عندي سيف في غمد) بكسر الغين المعجمة، (أو ثوب في صندوق) بضم الصاد، (لا يلزمه الظرف) لأنه لم يقر به، إذ الظرف غير المظروف، والاقرار يعتمد اليقين. (أو غمد فيه سيف، أو صندوق فيه ثوب لزم الظرف وحده) لا المظروف لما مر، وهكذا كل ظرف ومظروف لا يكون الاقرار بأحدهما إقرارا بالآخر، فلو قال: له عندي جارية في بطنها حمل أو خاتم فيه أو عليه فص أو دابة في حافرها نعل أو قمقمة عليها عروة أو فرس عليها سرج لزمته الجارية والدابة والقمقمة والفرس لا الحمل والنعل والعروة والسرج، ولو عكس عكس الحكم. ولو قال: له عندي جارية وأطلق وكانت حاملا لم يدخل الحمل، لأنه الجارية لم تتناوله، بخلاف البيع، لأن الاقرار إخبار عن حق سابق كما مر، وربما كانت الجارية له دون الحمل بأن كان موصى به، ولهذا لو قال: هذه الدابة لفلان إلا حملها صح، ولو قال: بعتكها