مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٤٠
في الصورة هذا الاستدراك في إقرار المفلس وهو نظير مسألتنا. وإقرار المكاتب في البدن والمال كالحر، ويؤديه مما في يده، فإن عجز نفسه ولا مال معه فديون معاملاته يؤديه بعد عتقه، وأرش جناياته في رقبته تؤدى من ثمنه. (ويصح إقرار المريض مرض الموت لأجنبي) بمال عينا كان أو دينا كإقرار الصحيح، ويكون من رأس المال بالاجماع كما قاله الغزالي. ولو أراد الوارث تحليف المقر له على الاستحقاق لم يكن له ذلك كما حكاه ابن الملقن وأقره. (وكذا) يقبل إقراره به (الوارث على المذهب) كالأجنبي، لأن الظاهر أنه محق لأنه انتهى إلى حالة يصدق فيها الكاذب ويتوب فيها الفاجر، وفي قول لا يصح لأنه متهم بحرمان بعض الورثة، والطريق الثاني القطع بالقبول. ويجري الخلاف في إقرار الزوجة يقبض صداقها من زوجها في مرض موتها، وفي إقراره لوارث بهبة أقبضها له في حال صحته.
تنبيه: الخلاف في الصحة، أما التحريم فعند قصد الحرمان لا شك فيه كما صرح به جمع منهم القفال في فتاويه، وقال: إنه لا يحل للمقر له أخذه اه‍. وإذا ادعى بقية الورثة على المقر له أنه لا حقيقة لاقرار مورثهم له فأحلف أنه أقر لك بحق لازم كان يلزمه الاقرار به، فعليه أن يحلف، فإن نكل حلف بقية الورثة وقاسموه، ولا يشكل ذلك بما تقدم عن ابن الملقن لأن التهمة في الوارث أشد منها في الأجنبي، ولذلك اختار الروياني مذهب مالك، وهو أنه إن كان متهما لم يقبل إقراره وإلا قبل، قال الأذرعي: وهو قوي. وقد يغلب على الظن بالقرائن كذبه بل يقطع به في بعض الأحوال، فلا ينبغي لمن يخشى الله أن يقضي أو يفتي بالصحة مطلقا وإن ساعده إطلاق الشافعي والأصحاب، ولا شك فيه إذا علم أن قصده الحرمان، نعم لو أقر لمن لا يستغرق الإرث ومعه بيت المال فالوجه إمضاؤه في هذه الاعصار لفساد بيت المال اه‍. والخلاف في الاقرار بالمال، أما لو أقر بنكاح أو عقوبة فيصح جزما وإن أفضى إلى المال بالعفو أو بالموت قبل الاستيفاء لضعف التهمة. (ولو أقر في صحته بدين) لانسان (وفي مرضه) بدين لآخر، لم يقدم الأول بل يتساويان كما لو ثبتا بالبينة. (ولو أقر في صحته أو مرضه) بدين لانسان ثبت ببينة، (وأقر وارثه بعد موته) بدين (لآخر لم يقدم الأول في الأصح) لأن إقرار الوارث كإقرار المورث لأنه خليفته فكأنه أقر بدينين. والثاني: يقدم الأول لأن بالموت تعلق بالتركة فليس للوارث صرفها عنه. قال البلقيني: ولو أقر الوارث لمشاركة في الإرث وهما مستغرقان كزوجة وابن أقر لها بدين على أبيه وهي مصدقة له ضاربت بسبعة أثمان الدين مع أصحاب الديون، لأن الاقرار صدر ممن عبارته نافذة في سبعة أثمان، فعملت عبارته فيها كعمل عبارة الحائز في الكل اه‍.
فروع: لو ادعى إنسان على الوارث أن المورث أوصى له بثلث ماله مثلا وآخر بأن له عليه دينا مستغرقا وصدق الوارث مدعي الوصية ثم مدعي الدين المستغرق أو بالعكس أو صدقهما معا قدم الدين لو ثبتا بالبينة. ولو أقر المريض لانسان بدين ولو مستغرقا ثم أقر لآخر بعين قدم صاحبها كعكسه، لأن الاقرار بالدين لا يتضمن حجرا في العين بدليل نفوذ تصرفه فيها بغير تبرع. ولو أقر بإعتاق أخيه في الصحة عتق وورث إن لم يحجبه غيره، أو بإعتاق عبد في الصحة وعليه دين مستغرق لتركته عتق، لأن الاقرار إخبار لا تبرع. (ولا يصح إقرار مكره) بما أكره عليه، لقوله تعالى:
* (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان) *، جعل الاكراه مسقطا لحكم الكفر فبالأولى ما عداه. وصورة إقراره أن يضرب ليقر، فلو ضرب ليصدق في القضية فأقر حال الضرب أو بعده لزمه ما أقر لأنه ليس مكرها، إذ المكره من أكره على شئ واحد، وهذا إنما ضرب ليصدق، ولا ينحصر الصدق في الاقرار، ولكن يكره إلزامه حتى يراجع ويقر ثانيا. قال المصنف: وقبول إقراره حال الضرب مشكل لأنه قريب من المكره ولكنه ليس مكرها، وعلله بما مر، ثم قال: وقبول إقراره بعد الضرب فيه نظر إن غلب على ظنه إعادة الضرب إن لم يقر، وقال الأذرعي: الولاة
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429