في الصورة هذا الاستدراك في إقرار المفلس وهو نظير مسألتنا. وإقرار المكاتب في البدن والمال كالحر، ويؤديه مما في يده، فإن عجز نفسه ولا مال معه فديون معاملاته يؤديه بعد عتقه، وأرش جناياته في رقبته تؤدى من ثمنه. (ويصح إقرار المريض مرض الموت لأجنبي) بمال عينا كان أو دينا كإقرار الصحيح، ويكون من رأس المال بالاجماع كما قاله الغزالي. ولو أراد الوارث تحليف المقر له على الاستحقاق لم يكن له ذلك كما حكاه ابن الملقن وأقره. (وكذا) يقبل إقراره به (الوارث على المذهب) كالأجنبي، لأن الظاهر أنه محق لأنه انتهى إلى حالة يصدق فيها الكاذب ويتوب فيها الفاجر، وفي قول لا يصح لأنه متهم بحرمان بعض الورثة، والطريق الثاني القطع بالقبول. ويجري الخلاف في إقرار الزوجة يقبض صداقها من زوجها في مرض موتها، وفي إقراره لوارث بهبة أقبضها له في حال صحته.
تنبيه: الخلاف في الصحة، أما التحريم فعند قصد الحرمان لا شك فيه كما صرح به جمع منهم القفال في فتاويه، وقال: إنه لا يحل للمقر له أخذه اه. وإذا ادعى بقية الورثة على المقر له أنه لا حقيقة لاقرار مورثهم له فأحلف أنه أقر لك بحق لازم كان يلزمه الاقرار به، فعليه أن يحلف، فإن نكل حلف بقية الورثة وقاسموه، ولا يشكل ذلك بما تقدم عن ابن الملقن لأن التهمة في الوارث أشد منها في الأجنبي، ولذلك اختار الروياني مذهب مالك، وهو أنه إن كان متهما لم يقبل إقراره وإلا قبل، قال الأذرعي: وهو قوي. وقد يغلب على الظن بالقرائن كذبه بل يقطع به في بعض الأحوال، فلا ينبغي لمن يخشى الله أن يقضي أو يفتي بالصحة مطلقا وإن ساعده إطلاق الشافعي والأصحاب، ولا شك فيه إذا علم أن قصده الحرمان، نعم لو أقر لمن لا يستغرق الإرث ومعه بيت المال فالوجه إمضاؤه في هذه الاعصار لفساد بيت المال اه. والخلاف في الاقرار بالمال، أما لو أقر بنكاح أو عقوبة فيصح جزما وإن أفضى إلى المال بالعفو أو بالموت قبل الاستيفاء لضعف التهمة. (ولو أقر في صحته بدين) لانسان (وفي مرضه) بدين لآخر، لم يقدم الأول بل يتساويان كما لو ثبتا بالبينة. (ولو أقر في صحته أو مرضه) بدين لانسان ثبت ببينة، (وأقر وارثه بعد موته) بدين (لآخر لم يقدم الأول في الأصح) لأن إقرار الوارث كإقرار المورث لأنه خليفته فكأنه أقر بدينين. والثاني: يقدم الأول لأن بالموت تعلق بالتركة فليس للوارث صرفها عنه. قال البلقيني: ولو أقر الوارث لمشاركة في الإرث وهما مستغرقان كزوجة وابن أقر لها بدين على أبيه وهي مصدقة له ضاربت بسبعة أثمان الدين مع أصحاب الديون، لأن الاقرار صدر ممن عبارته نافذة في سبعة أثمان، فعملت عبارته فيها كعمل عبارة الحائز في الكل اه.
فروع: لو ادعى إنسان على الوارث أن المورث أوصى له بثلث ماله مثلا وآخر بأن له عليه دينا مستغرقا وصدق الوارث مدعي الوصية ثم مدعي الدين المستغرق أو بالعكس أو صدقهما معا قدم الدين لو ثبتا بالبينة. ولو أقر المريض لانسان بدين ولو مستغرقا ثم أقر لآخر بعين قدم صاحبها كعكسه، لأن الاقرار بالدين لا يتضمن حجرا في العين بدليل نفوذ تصرفه فيها بغير تبرع. ولو أقر بإعتاق أخيه في الصحة عتق وورث إن لم يحجبه غيره، أو بإعتاق عبد في الصحة وعليه دين مستغرق لتركته عتق، لأن الاقرار إخبار لا تبرع. (ولا يصح إقرار مكره) بما أكره عليه، لقوله تعالى:
* (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان) *، جعل الاكراه مسقطا لحكم الكفر فبالأولى ما عداه. وصورة إقراره أن يضرب ليقر، فلو ضرب ليصدق في القضية فأقر حال الضرب أو بعده لزمه ما أقر لأنه ليس مكرها، إذ المكره من أكره على شئ واحد، وهذا إنما ضرب ليصدق، ولا ينحصر الصدق في الاقرار، ولكن يكره إلزامه حتى يراجع ويقر ثانيا. قال المصنف: وقبول إقراره حال الضرب مشكل لأنه قريب من المكره ولكنه ليس مكرها، وعلله بما مر، ثم قال: وقبول إقراره بعد الضرب فيه نظر إن غلب على ظنه إعادة الضرب إن لم يقر، وقال الأذرعي: الولاة