مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٤٧
زيد فولاؤه له لأن الولاء لمن أعتق. وهل أكسابه الحاصلة بعد عتقه لعمرو لاقراره بأنه كان له أولا لأن استحقاق الاكساب فرع الرق ولم يثبت؟ وجهان: أرجحهما كما قال الزركشي الثاني، فتكون الاكساب مستحقة للعتيق. ولو أقر أن عمرا غصب عبدا من زيد ثم اشتراه من عمرو صح الشراء استنقاذا لملك الغير كما يستنقذ الحر، وأخذه زيد، ولا يثبت للمشتري الخياران كما قاله الإمام لأنهما إنما يثبتان لمن يطلب الشراء ملكا لنفسه أو مستنيبه. ولو أقر بحرية أمة لغيره فاستأجرها لزمته الأجرة أو نكحها لزمه المهر، وليس له في الأولى استخدامها بغير رضاها ولا وطؤها في الثانية إلا إذا كان نكحها بإذنها وسيدها عنده ولي بالولاء، كأن قال: أنت أعتقتها أو بغيره كأن كان أخاها، قال الماوردي: وسواء أحلت له الأمة أم لا لاعترافه بحريتها، وقال السبكي وغيره: وينبغي أن لا يصح إلا أن يكون ممن تحل له الأمة لأن أولادها يسترقون كأمهم اه‍. وهذا هو الظاهر، ويؤيده ما أفتى به شيخي فيمن أوصى بأولاد أمته لآخر ثم مات وأعتقها الوارث فلا بد في تزويجها من الشروط المذكورة في تزويج الأمة، نعم المسموح له أن يتزوج بها. ثم شرع في بيان الاقرار بالمجهول، فقال: (ويصح الاقرار بالمجهول) سواء أكان ابتداء أم جواب عن دعوى، لأن الاقرار إخبار عن حق سابق والشئ يخبر عنه مفصلا تارة ومجملا أخرى، إما للجهل به أو لثبوته مجهولا بوصية ونحوها أو لغير ذلك، ويخالف الانشاءات حيث لا تحتمل الجهالة احتياطا لابتداء الثبوت وتحرزا عن الغرر. قال السبكي: والمبهم كأحد العبدين في معنى المجهول. (فإذا قال له علي شئ قبل تفسيره بكل ما يتمول) وهو كما قال الإمام ما يسد مسدا أو يقع موقعا من جلب نفع أو دفع ضرر، وإن نظر فيه الأذرعي. (وإن قل) كفلس لصدق اسم الشئ عليه، فلو امتنع من التفسير أو فسره ولكن نوزع فيه فقد ذكره المصنف في أثناء الفصل الذي بعد هذا. (ولو فسره بما لا يتمول) أي لا يتخذ مالا (لكنه من جنسه كحبة حنطة) أو قمع باذنجانة أو قشرة فستقة أو جوزة، (أو) فسره (بما) لا يتمول لكنه ليس من جنسه، و (يحل اقتناؤه ككلب معلم) لصيد أو قابل لتعليمه (وسرجين) وهو الزبل، وكذا بكل نجس يقتنى كجلد ميتة يطهر بالدباغ وخمر محترمة، (قبل في الأصح لصدق كل منهما بالشئ مع كونه محترما يحرم أخذه ويجب رده، والأصل براءة ذمته من غيره. والثاني:
لا يقبل فيهما، لأن الأول لا قيمة له فلا يصح التزامه بكلمة علي والثاني ليس بمال، وظاهر الاقرار المال.
تنبيه: لو قال بدل معلم مقتنى لدخل ما زدته وكلب الماشية ونحوه، لكنه يفهم من قوله بعد أن لا يقبل في كلب لا نفع فيه، ولو فسره بحق شفعة أو حد قذف أو رد وديعة قبل لما مر. (ولا يقبل) تفسيره (بما لا يقتنى) أي بشئ لا يحل اقتناؤه، (كخنزير وكلب لا نفع فيه) من صيد ونحوه وجلد لا يطهر بالدبغ وميتة لا يحل أكلها وخمر غير محترمة، إذ ليس فيها حق ولا اختصاص ولا يجب ردها فلا يصدق بها قوله علي. وقضية التعليل كما قال الأسنوي وغيره قبول تفسيره بالخمرة غير المحترمة إذا كان المقر له ذميا لأن على غاصبها ردها له إذا لم يتظاهر بها، ولو فسر بميتة لا يحل أكلها لمضطر قبل كما رجحه الإمام خلافا للقاضي. ولو قال بدل علي له عندي شئ أو غصبت منه شيئا صح تفسيره بما لا يقتنى، إذ ليس في لفظه ما يشعر بالتزام حق إذ الغصب لا يقتضى التزاما وثبوت مال، وإنما يقتضي الاخذ قهرا بخلاف قوله علي.
وربما يستشكل ذلك بأن الغصب هو الاستيلاء على مال الغير أو حق الغير فكيف يقبل تفسيره بما ليس بمال ولا حق.
(ولا) يقبل تفسيره أيضا (بعيادة) لمريض (و) لا (رد سلام) لبعد فهمهما في معرض الاقرار إذ لا مطالبة بهما، لكن إن قال: له علي حق قبل تفسيره بهما. فإن قيل: الحق أخص من الشئ فكيف يقبل في تفسير الأخص ما لا يقبل في تفسير الأعم؟ أجيب بأن الحق يطلق عرفا على ذلك بخلاف الشئ فيقال في العرب له علي حق ويراد به ذلك ، وفي الخبر: حق المسلم على المسلم خمس وذكر منها عيادة المريض ورد السلام، فاعتبار الاقرار بما لم يطالب في محله
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429