كأمهاتها وهو كذلك (وإن ادعاه على الوصي والأمين) أي منصوب القاضي، (صدق هو بيمينه للتهمة في حقهما، وقيل:
يصدق الولي مطلقا لأن الأصل عدم الخيانة، وقيل: لا يصدق مطلقا بل لا بد من بينة، وقيل: يصدق الأب والجد مطلقا وغيرهما في غير العقار، لأن العقار يحتاط فيه ما لا يحتاط في غيره. وإذا قلنا لا يقبل قول الوصي والأمين فمحله في غير أموال التجارة، أما فيها فالظاهر كما قال الزركشي قبول قولهما لعسر الاشهاد عليهما فيها. ودعواه على المشتري من الولي كدعواه على الولي فيقبل قوله عليه إن اشترى من غير الأب والجد لا إن اشترى منهما. ولو أقام من لم يقبل قوله من الولي والمحجور عليه بينة بما ادعاه حكم له بها ولو بعد الحلف كما في المحرر.
تنبيه: سكت المصنف عن الدعوى على القاضي، وكلام التنبيه يقتضي أنه كالوصي والأمين، واختاره الشيخ تاج الدين الفزاري، وقال السبكي: لم أر للأصحاب تصريحا به، والقول قوله بلا يمين إن كان في زمن حكمه وتوقف فيما إذا كان معزولا. ثم اعتمد بعد ذلك أنه يقبل قوله بلا يمين مطلقا، وهذا هو الظاهر لأنه نائب الشرع.
خاتمة: سئل السبكي عن يتيم تحت حجر الشرع له مال يعامل في ناظر الأيتام بإذن الحاكم، ثم إن اليتيم سكن قرية من قرى القدس ومضت مدة يتحقق فيها بلوغه ولم يعلم هل بلغ رشيدا أو لا، هل تجوز له المعاملة في ماله بعد مدة البلوغ المذكورة وإخراج الزكاة من ماله أو لا؟ فقال: لا تجوز المعاملة في ماله ولا إخراج الزكاة منه في هذه الحالة. ويعضد ذلك قول الأصحاب أن الولي إذا أجر الصبي مدة يبلغ فيها بالسن لم يصح فيما زاد على البلوغ. وسئل عن امرأة سفيهة تحت الحجر أقامت بينة برشدها ثم حضر وليها فأقام بينة بسفهها أيهما تقدم؟ فقال: تقدم بينة السفه لأن معها زيادة علم، وصورة المسألة أن تشهد بينة الرشد في الوقت الفلاني فتشهد تلك البينة بأنها كانت في ذلك الوقت تشرب الخمر مثلا، أما إذا أطلقت فالوجه تقديم بينة الرشد.
باب الصلح:
وما يذكر معه من التزاحم على الحقوق والتنازع فيها: هو لغة: قطع النزاع، وشرعا: عقد يحصل به ذلك. وهو أنواع: صلح بين المسلمين والكفار، وبين الامام والبغاة، وبين الزوجين عند الشقاق، وصلح في المعاملة، وهو مقصود الباب، والأصل فيه قبل الاجماع قوله تعالى: * (والصلح خير) *، وخبر: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا رواه ابن حبان وصححه. والكفار كالمسلمين في ذلك، وإنما خصهم بالذكر لانقيادهم إلى الأحكام غالبا.
والصلح الذي يحل الحرام: أن يصالح على خمر ونحوه أو من دراهم على أكثر منها، والذي يحرم الحلال: أن يصالح زوجته على أن لا يطلقها ونحو ذلك، ولفظه يتعدى للمتروك ب من وعن، وللمأخوذ ب على والباء غالبا. (وهو قسمان: أحدهما يجري بين المتداعيين، وهو نوعان: أحدهما صلح على إقرار، فإن جرى على عين غير المدعاة) كما إذا ادعى عليه دارا فأقر له بها وصالحه عنها بمعين كثوب، (فهو بيع) للعين المدعاة من المدعي للمدعى عليه، (بلفظ الصلح) ويسمى صلح المعاوضة، (تثبت فيه أحكامه) أي البيع، (كالشفعة والرد بالعيب ومنع تصرفه) في المصالح عليه (قبل قبضه واشتراط التقابض إن اتفقا) أي المصالح عنه والمصالح عليه، (في علة الربا) وغير ذلك من أحكامه، كاشتراط التساوي إذا كان جنسا ربويا واشتراط القطع في بيع الزرع الأخضر وجريان التحالف