تنبيه: تعبيره بخروج المني أعم من تعبير أصله بالاحتلام، قاله في الدقائق. وأجيب عن أصله بأنه تبع في ذلك لفظ الحديث، وبما مر من أنه المراد. وكلام المصنف يقتضي تحقق خروج المني، فلو أتت زوجة صبي يمكن بلوغه بولد لأكثر من ستة أشهر لحقه ولا يحكم ببلوغه به وهو المنصوص، ونقله الرافعي في باب اللعان عن الأصحاب، لأن الولد يلحق بالامكان والبلوغ لا يكون إلا بتحقيقه، وعلى هذا لا يثبت إيلاده إذا وطئ أمة وأتت بولد، وهو كذلك وإن صوب البلقيني ثبوته والحكم ببلوغه. وحكى النجوري في المسألة قولين: أحدهما هذا، والثاني: يكون به بالغا، وأجراهما في أنه هل يستقر به كل المهر أو لا؟. (ووقت إمكانه استكمال تسع سنين) قمرية بالاستقراء. وأفهم قوله استكمال أنها تحديدية وهو كذلك كما مر، وإن بحث بعض المتأخرين أنها تقريبية كالحيض لأن الحيض ضبط له أقل أو أكثر، فالزمن لا يسع أقل الحيض، والطهر وجوده كالعدم بخلاف المني. ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، وقيل: وقته في الذكر نصف العاشرة، وقيل: تمامها، وقيل: وقته في الأنثى أول التاسعة، وقيل: نصفها. (ونبات) شعر (العانة) الخشن الذي يحتاج في إزالته لنحو حلق، (يقتضي الحكم ببلوغ ولد الكافر) ومن جهل إسلامه، لخبر عطية القرظي قال: كنت في سبي بني قريظة فكانوا ينظرون من أنبت الشعر قتل ومن لم ينبت لم يقتل، فكشفوا عانتي فوجدوها لم تنبت فجعلوني في السبي رواه ابن حبان والحاكم والترمذي وقال: حسن صحيح. وقول المصنف يقتضي أن ذلك ليس بلوغا حقيقة بل دليل له، وهو كذلك، ولهذا لو لم يحتمل وشهد عدلان أن عمره دون خمس عشرة سنة لم يحكم ببلوغه بالانبات، قاله الماوردي، وقضيته أنه دليل البلوغ بالسن. قال السبكي: والذي يظهر أنه علامة على أحد الامرين لا بعينه. وقال الأسنوي: يتجه أنه دليل للبلوغ بأحدهما. ووقت إمكان نبات العانة وقت الاحتلام ذكره الرافعي وأسقطه من الروضة. ويجوز النظر إلى عانة من احتجنا إلى معرفة بلوغه على الأصح للحديث، وقيل: يمس من فوق حائل، وقيل: يدفع إليه شمع أو نحوه فيلصقه.
تنبيه: قوله: نبات العانة يقتضي أن العانة هي المنبت لا النابت، وفيه خلاف لأهل اللغة، وخرج بها شعر الإبط واللحية، فليس دليلا للبلوغ لندورهما دون خمس عشرة سنة، ولان إنباتهما لو دل على البلوغ لما كشفوا العانة في وقعة بني قريظة لما فيه من كشف العورة مع الاستغناء عنه. وفي معناهما الشارب وثقل الصوب ونهود الثدي ونتف طرف الحلقوم وانفراق الأرنبة ونحو ذلك. وقوله: ولد الكافر يقتضي كونه علامة في الذكر والأنثى، وهو كذلك، وإن نقل السبكي عن الجوزي أنه ليس علامة في حق النساء لأنهن لا يقتلن. والخنثى لا بد أن ينبت على فرجيه معا كما صرح به الماوردي والدارمي وغيرهما. (لا المسلم في الأصح) فلا يكون علامة على بلوغه لسهولة مراجعة آبائه وأقاربه من المسلمين بخلاف الكفار، ولأنه متهم فربما استعجل الانبات بالمعالجة دفعا للحجر وتشوفا للولايات بخلاف الكافر فإنه يفضي به إلى القتل أو ضرب الجزية. وهذا جرى على الأصل والغالب، وإلا فالأنثى والخنثى والطفل الذي تعذرت مراجعة أقاربه المسلمين لموت أو غيره حكمهم كذلك، فإن الخنثى والمرأة لا جزية عليهما مع أن الحكم فيهما ما ذكر. ومن تعذرت مراجعة أقاربه المسلمين لا يحكم ببلوغه بما ذكر مع فقدان العلة، فقد جروا في تعليلهم (وتزيد المرأة حيضا) لوقت إمكانه على ما ذكر من السن وخروج على الغالب المني ونبات العانة الشامل لها كما مر. (وحبلا) كذا قاله جمع من الأصحاب، وزيفه الماوردي والروياني، لأنه يستدل بالانزال لأن الولد يخلق من الماءين، فإذا وضعت المرأة حكمنا بحصول البلوغ قبل الوضع بستة أشهر ولحظة، وهذا هو مرادهم بلا شك، فإن كانت مطلقة وأتت بولد يلحق بالزوج حكمنا ببلوغها قبل الطلاق بلحظة.
تنبيه: سكت المصنف عن الخنثى المشكل، وحكمه أنه لو أمنى بذكره وحاض بفرجه حكم ببلوغه في الأصح، فإن وجد أحدهما أو كلاهما من أحد فرجيه فلا يحكم ببلوغه عند الجمهور لجواز أن يظهر من الآخر ما يعارضه. وقال الامام: ينبغي الحكم ببلوغه بأحدهما كالحكم بالاتضاح به ثم يغير إن ظهر خلافه. قال الرافعي: وهو الحق. وسكت