النقل عن مالك قال القاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة وحكى بعضهم عنا في هذا العصر أنه يجوز أن يستفضل بينهما قدر قيمة الصياغة وهذا غلط علينا وليس هذا بقول لنا ولا لاحد على وجه والدليل على منع ذلك عموم الظواهر التي قدمناها وليس فيها فرق بين المصوغ والمضروب وصرح القاضي عبد الوهاب بأن زيادة قيمة الصنعة إنما لا تراعى إلا في الاتلاف دون المعاوضات فلا وجه لنصب الخلاف معهم وهم موافقون وقد نصب أصحابنا الخلاف معهم وكان شبهة النقل عنه في ذلك مسألة نقلها الشافعي رحمه الله عن مالك فكأن الأصحاب أخذوا منها ذلك لما كان لازما بينا منها وها أنا أنقل المسألة من كلام المالكية قال ابن عبد البر في الاستذكار رواها جماعة من أصحاب مالك عن مالك وهي مسألة سوء منكرة لا يقول بها أحد من فقهاء المسلمين وقد روى عن مالك في غير مسألة ما يخالفها قال مالك في التاجر يأتي دار الضرب بورقه فيعطيهم أجر الضرب ويأخذ منهم وزن ورقه مضروبة قال إذا كان ذلك لضرورة خروج الرقعة ونحوه فأرجو أن لا يكون به باس وقال سحنون عن ابن القاسم أراه حقيقا للمضطر ولذي الحاجة قال ابن وهب وذلك ربا ولا يحل شئ منه وقال عيسى بن دينار لا يصلح هذا ولا يعجبني اه وقد ذكر بن رشد هذه المسألة في كتاب البيان والتحصيل ونقل عن مالك أنه قال إني لا أرجو أن يكون حقيقا وقد كان يعمل به بدمشق فيما مضى وتركه أحب إلى أهل الورع من الناس فلا يفعلون ذلك وقال ابن رشد إنها على وجهين مذمومين أخفهما خلط اذهاب الناس فإذا خرجت من الضرب أخذ كل انسان منهم على حساب ذهبه وأعطى الضراب اجرته ونقل عن مالك رحمه الله أنه كان يعمل به في زمان بنى أمية لأنها كانت سكة واحدة والتجار كثير والناس مجتازون والأسواق متقاربة فلو جلس كل واحد حتى يضرب ذهب صاحبه فاتت الأسواق فلا أرى بذلك بأسا فاما اليوم فان الذهب يغش وقد صار لكل مكان سكة تضرب
(٨٤)