معارضا (وأما) قوله صلى الله عليه وسلم (الطعام بالطعام مثلا بمثل) فاما أن يكون الطعام جنسا خاصا أو كل ما يطعم فإن كان جنسا خاصا إما الحنطة وحدها أو الشعير كما قد يفهمه قوله (وكان طعامنا يومئذ الشعير) فلا دليل فيه على المسألة وإن كان الطعام كل ما يطعم لزم ألا يباع القمح بالتمر ولا بغيره من المطعومات إلا مثلا بمثل وهم لا يقولون به ولا أحد فتعين حمله على ما إذا كان من جنسه بدليل قوله فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم) وحينئذ تقف الدلالة من الحديث ويحتاج في تحقيق كونها جنسين أو جنسا واحدا إلى دليل منفصل (فان قلت) هل هذا الحمل من باب تخصيص العموم أو من باب حمل المطلق على المقيد (قلت) من باب تخصيص العموم والمخصوص هو من قوله بالطعام كأنه قال الطعام بالطعام المجانس له مثلا بمثل والتجانس في اللفظ يشعر بالتجانس في المعنى (وأما) حمل المطلق على المقيد فمتعذر فيما إذا كان الحكمان نهيين فإن كان المراد بالحديث النهى عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلا بمثل وهو المتبادر إلى الفهم والموافق لبقية الأحاديث فإنه ههنا حمل المطلق على المقيد وإن كان المراد بالحديث بيان وجوب المماثلة في الطعام بالطعام (فان قلنا) ان المراد المعرف بالألف واللام العموم كما هو رأى أكثر الفقهاء فأيضا لا اطلاق ولا تقييد ويتعين المصير إلى التخصيص (وان قلنا) لا يعم فيمكن أن يقال به على بعد لأن ايجاب وصف في مطلق ماهية لا يستدعى وجوبه في كل أفرادها ووجه بعده لا يخفى (وأما) ما تمسكوا به من جهة المعنى وتحقيق كونهما جنسا واحدا تتقارب المنفعة فيهما والأمور التي ذكروها (فقد) أجاب أصحابنا بأن القمح والشعير مختلفان في الصفة والخلقة والمنفعة فان القمح يوافق الآدمي ولا يوافق البهائم والشعير بالعكس يوافق البهائم ولا يوافق الآدمي غالبا ولا يغلب اقتياتهما في بلد واحد وإنما يغلب اقتيات الشعير في موضع يعز
(٨١)