المنذري الأصل في الأموال الربوية حظر البيع حتى يتجه تحقيق التماثل وعند أبي حنيفة رحمه الله الأصل إباحة البيع حتى يمنعه حقيقة التفاضل وما قلناه أصح وممن صرح بهذا الأصل من المالكية الطرطوشي وابنه في كلامه * وقد رأيت ما هو منسوب إلى الحنفية في كتبهم وتحقيقه عندهم ما قدمته وهذه القاعدة يظهر نفعها في مواضع سأنبه عليها إن شاء الله تعالى وتقدم التنبيه على بعضها (فان قلت) كيف تستقيم دعوى هذه القاعدة وقد اشتهر عن الشافعي رحمه الله تعالى في كلامه في معنى قوله تعالى (وأحل الله البيع) وان أظهر معانيها عنده أنها عامة تتناول كل بيع وتقتضي إباحة جميعها إلا ما خصه الدليل وقد تقدم في هذا المجموع ذكر أقوال الشافعي رحمه الله تعالى في ذلك وأن هذا القول أصحها عنده وعند أصحابه وعقد الربا فرد من أفراد البيوع فيكون الأصل فيه الجواز كما تقوله الحنفية وما خرج منها بالتخصيص كان على خلاف الأصل (قلت) مسلم أن الآية شملت دلالتها كل بيع وأخرج منها عقود الربا بقوله (لا تبيعوا الذهب بالذهب) الحديث ونظائره وبقوله تعالى (وحرم الربا) ان صح الاستدلال منه لما سننبه عليه إن شاء الله تعالى فصار هذا أصلا ثابتا أخص من الأول لأن هذا خاص بالربويات ثم استثني من هذا الأصل أحوال وهو ما إذا حصلت المساواة والحلول والتقابض في الجنس الواحد والحلول والتقابض خاصة في الجنسين فأبو حنيفة رحمه الله نظر إلى الأصل الأول وهو إباحة البيوع وجعل صورة المفاضلة في الربويات مخرجة منه والشافعي رحمه الله نظر إلى الأصل الثاني القريب وهو التحريم في الربويات كلها ثم جعل حالة التماثل مخرجة منه والحنفية ينازعون في تقرير هذا الأصل الثاني ويقولون إن قوله لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء وما أشبهه من هذه الصيغ في معنى وقد صرح الشافعي رحمه الله في الام بان أصل البيوع كلها مباح إلا ما نهى عنه النبي صلى الله عليه
(٢٢)