والسلم استحال القول بان التخاير مبطل (واعلم) أن من الأصحاب من يثبت أن ذلك قول للشافعي رحمه الله أعني صحة اشتراط نفي خيار المجلس فعلى هذا يتعين تخريج قول موافق لابن سريج في مسألتنا هنا ولا سبيل إلى أن يقال إن ذلك لا يجرى في عقود الربا والله سبحانه أعلم * وحينئذ أقول في توجيه ما اختاره أكثر الأصحاب أن الدليل على اشتراط التقابض قوله صلى الله عليه وسلم (يدا بيد) وهذا اللفظ اما أن يكون ظاهرا في أنه يعطى بيد ويأخذ بأخرى واما أن يكون محتملا له لكنا خرجنا عن ذلك لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمالك بن أوس لما صرف من طلحة (لا تفارقه حتى تأخذ منه) فجعلنا ذلك منوطا بالتفرق وليس اعتبار التفرق لذاته بل لمعنى يمكن إحالة الحكم عليه وهو أن العقد قبل التفرق كأنه لم يوجد بدليل قوله صلى الله عليه وسلم (كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار) رواه البخاري ومسلم كلاهما بهذا اللفظ * اقتضى الحديث تنزيل العقد الذي لم يلزم بالتفرق أو التخاير منزلة العدم وانه بعد التفرق أو الخيار ليس كذلك فإذا وجد القبض قبل انقضاء الخيار وجد في وقت كأنه لم تتكامل حقيقة العقد فيه فأشبه القبض الواقع وقت العقد بان يعطى بيد ويأخذ بأخرى فكان أقرب إلى قوله صلى الله عليه وسلم (يدا بيد) بخلاف ما إذا وجد ذلك بعد اللزوم (وأما) اعتبار التفرق من حيث هو فلا معنى له ولم يرد في الشرع ما يدل عليه ولا أن التقابض قبله مطلقا كاف ويتأيد
(١٢)