القمح فيه وهذه الذرة يقتاتها خلق من الناس والأرز يقتات غالبا في بعض البلاد وهما عند مالك صنفان جائز التفاضل بينهما وبين كل منهما وبين البر وجعل الليث بن سعد الذرة والدخن والأرز صنفا وسلم في القطاني كالعدس والحمص والفول والجلبان فنلزمه بالقول لأنه يقتات في بعض الأوقات ويختبز وقد جعل ذلك هو العلة فيما نقل عنه وقد حصل اختلاف المالكية في القطاني وسأذكر خلافهم في ذلك في فصل جامع أتكلم فيه على تحقيق الأجناس إن شاء الله تعالى وهذا الذي ألزمناهم به ههنا هو قول مالك الذي لا اختلاف عنه فيه (وأما) الغاء القاضي عبد الوهاب ما ألزمهم الشافعي به من التقارب بين التمر والزبيب في أنهما حلوان ويخرصان وتجب الزكاة فيهما فإلغاء على وجه التحكم والا فما الدليل على ابطال هذه الشبه واعتبار ما ادعاه هو (وأما) احتجاجهم ببيع البر بالبر وفيه شئ من الشعير فإن كان الشعير المخالط قدرا لو ميز لظهر على المكيال فإنه يمنع الحكم وعندنا أن البيع لا يجوز والحالة هذه وإن كان الشعير المخالط لا يظهر على المكيال لو ميز فجواز البيع حينئذ لعدم ظهوره في المكيال لا لموافقته في الجنس ألا ترى أن التراب الذي لا يظهر في المكيال لا تضر مخالطته وليس بجنس للطعام وقولهم إن ذلك بمنزلة الحنطة الحمراء مع السمراء ممنوع فان الحنطتين ليس لكل منهما اسم خاص بخلاف الشعير مع القمح (وأما) العلس فإنه يصدق عليه اسم الحنطة بخلاف الشعير لا يصدق عليه حنطة لا في لغة ولا غيرها * ثم إن ما يحاولونه من المعنى ينكسر بالذهب والفضة فان قيام كل منهما مقام الآخر أعظم من قيام الشعير مقام البر ومع ذلك هما جنسان وبالجملة فالنص مغن عن الالتفات إلى المعنى وقد ثبت ذلك في جانبنا كما تقدم صريحا من رواية أبى داود والترمذي وغيرهما وظاهرا من رواية مسلم في حديث أبي هريرة وعبادة وقد قاس أصحابنا على ما إذا أتلف له حنطة أو أقر له أو صالحه عليها أو ضربها الإمام جزية أو وجب عشر حنطة لم يقم الشعير مقامها في شئ من ذلك *
(٨٢)