وظاهره أن عدم القول بذلك لعدم المقتضي له وهو الدليل لا لوجود المانع منه وهو انعقاد الضرورة على خلافه فهو ممكن غير معلوم الوقوع ولعل وجهه أن الضروري عدم نسبة تلك الأفعال إلى فاعل مختار باختيار مستقل مغاير لاختيار الله كما هو ظاهر قول المفوضة، أما استنادها إلى الفاعل بإرادة الله المختار بعين مشيئته واختياره حتى يكون كالآلة بزيادة الشعور وقيام الاختيار به بحيث يصدق أنه فعله وفعل الله فلا، إذ المخالف للضرورة انكار نسبة الفعل إلى الله تعالى على وجه الحقيقة لا إثباته لغيره أيضا بحيث يصدق أنه فعله نعم ما ذكره الشهيد من عدم الدليل عليه حق، فالقول به تخرص ونسبة فعل الله إلى غيره بلا دليل وهو قبيح.
وما ذكره قدس سره كان مأخذه ما في الإحتجاج عن هشام بن حكم، قال: سأل الزنديق أبا عبد الله عليه السلام فقال: ما تقول فيمن يزعم أن هذا التدبير الذي يظهر في هذا العالم تدبير النجوم السبعة، قال: يحتاجون إلى دليل أن هذا العالم الأكبر والعالم الأصغر من تدبير النجوم التي تسبح في الفلك وتدور حيث دارت منقبة لا تفتر و سائرة لا تقف، ثم قال: وأن لكل نجم منها موكل مدبر فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين، فلو كانت قديمة أزلية لم تتغير من حال إلى حال الخبر. (1) والظاهر أن قوله بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين يعني في حركاته لا أنه مأمورون بتدبير العالم بحركاتهم، فهي مدبرة باختياره المنبعث عن أمر الله تعالى.
نعم ذكر المحدث الكاشاني في الوافي في توجيه البداء كلاما ربما يظهر منه مخالفة المشهور حيث قال: إعلم أن القوى المنطبعة الفلكية لم تحط بتفاصيل ما سيقع من الأمور دفعة واحدة لعدم تناهي تلك الأمور، بل إنما تنقش فيها الحوادث شيئا فشيئا، فإن ما يحدث في عالم الكون والفساد إنما هو من لوازم حركات الأفلاك و