وأما دلالة المكاتبة على كون مورد السؤال هو الوقف المؤبد التام، فهي - على تقدير قصورها - منجبرة بالشهرة، فيندفع بها ما يدعي من قصور دلالتها من جهات، مثل:
عدم ظهورها في المؤبد، لعدم ذكر البطن اللاحق، وظهورها في عدم إقباض الموقوف عليهم وعدم تمام الوقف، كما عن الايضاح، وأوضحه الفاضل المحدث المجلسي، وجزم به المحدث البحراني، ومال إليه في الرياض قال الأول - في بعض حواشيه على بعض كتب الاخبار -: إنه يخطر بالبال أنه يمكن حمل الخبر على ما إذا لم يقبضهم الضيعة الموقوفة عليهم، ولم يدفعها إليهم، وحاصل السؤال: أن الواقف يعلم أنه إذا دفعها إليهم يحصل بينهم الاختلاف ويشتد، لحصول الاختلاف بينهم قبل الدفع إليهم في تلك الضيعة أو في أمر آخر، فهل يدعها موقوفة ويدفعها إليهم، أو يرجع عن الوقف لعدم لزومه بعد ويدفع إليهم ثمنها؟ أيهما أفضل؟ انتهي موضع الحاجة.
والانصاف: أنه توجيه حسن، لكن ليس في السؤال ما يوجب ظهوره في ذلك، فلا يجوز رفع اليد عن مقتضى ترك الاستفصال في الجواب كما أن عدم ذكر البطن اللاحق لا يوجب ظهور السؤال في الوقف المنقطع، إذ كثيرا ما يقتصر في مقام حكاية وقف مؤبد على ذكر بعض البطون، فترك الاستفصال عن ذلك يوجب ثبوت الحكم للمؤبد.
والحاصل: أن المحتاج إلى الانجبار بالشهرة ثبوت حكم الرواية للوقف التام المؤبد، لا تعيين ما أنيط به الجواز من كونه مجرد الفتنة أو ما يؤدي الفتنة إليه، أو غير ذلك مما تقدم من الاحتمالات في الفقرتين المذكورتين.
نعم، يحتاج إلى الاعتضاد بالشهرة من جهة أخرى، وهي: أن مقتضى القاعدة - كما عرفت - لزوم كون بدل الوقف كنفسه مشتركا " بين جميع البطون،