حكاية أخرى في أمر صابة البطائح: هؤلاء القوم على مذهب النبط القديم، يعظمون النجوم ولهم أمثلة وأصنام، وهم عامة الصابة المعروفين بالحرنانيين، وقد قيل: إنهم غيرهم جملة وتفصيلا. " (1) فابن النديم أيضا التفت إلى كونهم فرقتين ولكنه نسب تعظيم النجوم إلى كلتيهما.
11 - وفي الآثار الباقية لأبي الريحان البيروني في ذكر المتنبئين ما ملخصه مع حفظ ألفاظه:
" وأول المذكورين منهم بوذاسف، وقد ظهر عند مضي سنة من ملك طهمورث بأرض الهندواتي بالكتابة الفارسية ودعا إلى ملة الصابئين فأتبعه خلق كثير، وكانت الملوك البيشداذية وبعض الكيانية ممن كان يستوطن بلخ يعظمون النيرين والكواكب وكليات العناصر ويقدسونها إلى وقت ظهور زرادشت، وبقايا أولئك الصابئة بحران ينسبون إلى موضعهم فيقال لهم الحرانية. وقد قيل: إنها نسبة إلى هاران بن ترح أخي إبراهيم - عليه السلام -...
وكذلك حكى عبد المسيح الكندي النصراني عنهم أنهم يعرفون بذبح الناس، ولكن ذلك لا يمكنهم اليوم جهرا.
ونحن لا نعلم منهم إلا أنهم أناس يوحدون الله وينزهونه عن القبائح، ويصفونه بالسلب لا الإيجاب كقولهم: لا يحد ولا يرى ولا يظلم ولا يجور، ويسمونه بالأسماء الحسنى مجازا إذ ليس عندهم صفة بالحقيقة، وينسبون التدبير إلى الفلك وأجرامه يقولون بحياتها ونطقها وسمعها وبصرها ويعظمون الأنوار.
ومن آثارهم القبة التي فوق المحراب عند المقصورة في جامع دمشق وكان مصلاهم أيام كان اليونانيون والروم على دينهم، ثم صارت في أيدي اليهود فعملوها كنيستهم ثم تغلب عليها النصارى فصيروها بيعة إلى أن جاء الإسلام وأهله فاتخذوها مسجدا. وكانت لهم هياكل وأصنام بأسماء الشمس معلومة الأشكال مثل هيكل