موارد كثيرة من غزواته، وكذا من قوله: " من قتل قتيلا فله سلبه. " أو " من قتل كافرا فله سلبه " أنه حكم كلي إلهي أجراه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبينه بقوله على ما هو شأن النبوة، فإن شأن النبي بما هو نبي إنما هو تلقي الأحكام بالوحي وبيانه للأمة.
ولو سلم كون كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم) قضاء منه وحكما سلطانيا فلا دليل أيضا على حصره بعصره وغزواته، نظير قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا ضرر ولا ضرار "، بناء على كونه حكما سلطانيا منه على ما هو ظاهر لفظ القضاء.
ويؤيد ذلك أيضا مساعدة العرف والاعتبار العقلائي لكون القاتل أولى بسلب مقتوله، وكأنه محصول عمله ونشاطه، والإنسان يملك محصول نشاطه وعمله. هذا.
ولكن الظاهر من الروايات بعد إرجاع بعضها إلى بعض كون السلب نفلا منه (صلى الله عليه وآله وسلم) وحكما سلطانيا منه في الموارد الخاصة تشويقا لأصحابه في أمر الجهاد والمبارزة.
وليس في كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يشهد بكونه في مقام بيان حكم كلي ثابت لجميع الأعصار والموارد حتى يخصص به عمومات تقسيم الغنيمة بين الجميع بالسوية. المخصص إذا كان مجملا مرددا أمره بين الأقل والأكثر وكان منفصلا لم يسر إجماله إلى العام، فيكون العام حجة في الموارد المشكوكة، فتدبر.
وقصة المددي أيضا تشهد بعدم تعين السلب للمقتول، فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن أمر في بادي الأمر برده إليه ولكنه في النهاية قال: " يا خالد، لا ترد عليه. " ولا يتوهم أنه وقع تعزيرا للمددي حيث استخف بالأمير، إذ المستخف به هو عوف لا المددي، فكيف يمنع حقه إن ثبت؟! اللهم إلا أن يقال: لعل المورد كان في الصفي واختياره كان إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). هذا.
وقد مر عن الشرائع قوله: " والسلب، إذا شرط للقاتل، ولو لم يشرط لم يختص به. " (1) ونسبه في الجواهر إلى المشهور ثم قال: " بل لا أجد فيه خلافا إلا من الإسكافي. " (2)