لنا ما رواه الجمهور، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كنا نصيب العسل والفواكه في مغازينا فنأكله ولا نرفعه. وعن عبد الله بن أبي أوفي، قال: أصبنا طعاما يوم خيبر كان الرجل يأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف. وكتب صاحب جيش الشام إلى عمر: إنا أصبنا أرضا كثيرة الطعام والعلف، فكتب إليه عمر دع الناس يعلفون ويأكلون، فمن باع منهم شيئا بذهب أو فضة خمس الله وسهام المسلمين.
ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمير السرية: " ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تحرقوا زرعا، لأنكم لا تدرون لعلكم تحتاجون إليه. ولا تعقروا من البهائم ما يؤكل لحمه إلا ما لابد لكم من أكله. " (1) ولأن الحاجة يشتد إليه وفي المنع مضرة عظيمة بالمسلمين وبدوابهم، لتعسر نقل الطعام والعلف من بلاد الإسلام، ولا يجدون بدار الحرب ما يشرونه، ولو وجدوه لم يوجد الثمن...
الثالث: إذا ذبحت الأنعام للأكل رد جلودها إلى المغنم ولم يجز استعمالها، لأنه ليس مما يدعو الحاجة إليه مع اشتراك الغانمين فيها، ولأنه ليس بطعام فلا يثبت فيه الترخص كغيره من أموال الغنيمة.
الرابع: لا يجوز تناول ما عدا الطعام والعلف واللحم واستعماله ولا الانفراد، به لقوله (عليه السلام): أدوا الخيط والمخيط، فإن الغلول عار ونار وشنار يوم القيامة.
الخامس: الدهن المأكول يجوز استعماله في الطعام عند الحاجة، لأنه طعام فأشبه الحنطة والشعير.
السادس: يجوز أن يأكل ما يتداوى به أو يشر به، كالجلاب والسكنجبين وغير هما عند الحاجة، لأنه من الطعام. وقال أصحاب الشافعي ليس له تناوله، لأنه ليس من القوت ولا يصلح به القوت.