قد قلنا عن ذكرنا أحكام القسامة: إنه إذا كان مع المدعي للقتل لوث وهو التهمة للمدعى عليه بأمارات ظاهرة بدئ به في اليمين يحلف خمسين يمينا في قتل العمد وخمسة وعشرين يمينا في قتل الخطأ على ما قلناه، ويثبت اللوث بأشياء:
بالشاهد الواحد في قتل العمد وبوجود القتيل في دار قوم وفي قريتهم التي لا يدخلها غيرهم وكذلك محلتهم، ولا يثبت اللوث بقول المقتول عند موته: دمي عند فلان.
وإذا كان المقتول مشركا والمدعى عليه مسلما لم تثبت القسامة، إذا قتل عبد وهناك لوث فلسيده القسامة وإذا لم يكن لوث وتكون دعوى محضة مجردة من الأمارات فاليمين في جنبة المدعى عليه بلا خلاف ولا يلزمه أكثر من يمين واحدة، إذا ادعى رجل على رجل أنه قتل وليا له وهناك لوث وحلف المدعي القسامة واستوفى الدية فجاء آخر فقال: أنا قتلته وما قتله ذلك، كان الولي بالخيار بين أن يصدقه ويكذب نفسه ويرد الدية ويستوفي منه حقه وبين أن يكذب المقر ويثبت على ما هو عليه.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه مسألة: إذا كان الرجل متلففا في كساء أو في ثوب فشهد شاهدان على رجل أنه ضربه فقده باثنين ولم تشهد الجناية غير الضرب واختلف الولي والجاني فقال الولي: كان حيا حين الضرب وقد قتله الجاني، وقال الجاني: ما كان حيا حين الضرب، كان القول قول الجاني مع يمينه واستدل بما يربأ الانسان بذكره عنه، والذي يعول عليه ويعمل به ويسكن إليه قبول قول الشاهدين وقول الولي مع يمينه ولا يلتفت إلى إنكار الجاني الحياة لأنه مدع للموت بغير جناية والأصل الحياة وشهادة العدلين بالجناية وإنما كان الانسان يفزع إلى دليل براءة الذمة وشغلها يحتاج إلى دليل قبل قيام الدليل بشغلها، وإنما هذا مذهب أبي حنيفة لا مذهب جعفر بن محمد الصادق ع اختاره شيخنا ههنا ألا تراه ما استدل بإجماع الفرقة ولا بأخبارنا فلا حاجة بنا إلى القول بمذهب أبي حنيفة وتصحيحه.