ومن تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من ولي من يطببه أو صاحب الدابة وإلا فهو ضامن إذا هلك بفعله شئ من ذلك هذا إذا كان الذي جنى عليه الطبيب غير بالغ أو مجنونا، فأما إذا كان عاقلا مكلفا وأمر الطبيب بفعل شئ ففعله على ما أمره به فلا يضمن الطبيب سواء أخذ البراءة من الولي أو لم يأخذ، والدليل على ما قلناه أن الأصل براءة الذمة والولي لا يكون إلا لغير المكلف فأما إذا جنى على شئ لم يؤمر بقطعه ولا بفعله فهو ضامن سواء أخذ البراءة من الولي أو لم يأخذها.
وإذا ركب اثنان دابة فجنت جناية على ما ذكرناه كان أرشها عليهما بالسوية، وروي: أن أمير المؤمنين ع ضمن ختانا قطع حشفة غلام، يريد بذلك أنه فرط بأن قطع غير ما أريد منه لأن الحشفة ههنا ما فوق الختان وليست القلفة التي يجب قطعها فلأجل هذا ضمنه وسواء أخذ البراءة من وليه أو لم يأخذ، والرواية هذه صحيحة لا خلاف فيها.
باب الاشتراك في الجنايات:
روى الأصبغ بن نباتة قال: قضى أمير المؤمنين ع في جارية ركبت جارية فنخستها جارية أخرى فقمصت المركوبة " يقال: قمص الفرس وغيره يقمص قمصا وقماصا وهو أن يرفع يديه ويطرحهما معا ويعجز برجله، يقال: هذه دابة فيها قماص بكسر القاف ولا تقل قماص بضم القاف " فصرعت الراكبة فماتت قضى أن ديتها نصفان بين الناخسة والمنخوسة، هذا اختيار شيخنا أبي جعفر في نهايته، وقال شيخنا المفيد في مقنعته: يستحق ثلثي الدية فحسب من القامصة ثلث ومن الناخسة ثلث وسقط ثلث لركوبها عبثا، والأول أظهر في الرواية وأليق بمذهبنا، والذي تقتضيه الأدلة أن الدية جميعها على الناخسة دون المنخوسة لأنها الجانية والتي اضطرتها للمركوبة حتى قمصت فأما إذا أمكنها ألا تقمص وقمصت لا ملجأة فالدية عليها وحدها فليلحظ ذلك.