فأتلف أنفسا وأموالا فلا ضمان عليه ولا قود ولا دية لأن الأصل براءة الذمة وليس ههنا دليل قاطع على وجوب الضمان بحال، إذا سقط حائط إلى طريق المسلمين فعثر انسان بترابه فمات لم يلزم ضمانه صاحب الحائط بمثل ما قلناه.
إذا أشرع جناحا إلى شارع المسلمين أو إلى درب نافذ أو أراد إصلاح ساباط على وجه لا يضر بأحد من المارة فليس لأحد معارضته ولا منعه منه لأن الأصل الجواز والمنع يحتاج إلى دليل ولأن أحدا لم ينكر هذا، والنبي ع فعله وأقره ولأن هذه الأجنحة والساباطات والسقائف سقيفة بني النجار وسقيفة بني ساعدة وغير ذلك كانت موجودة لم ينكرها أحد من المسلمين لا في زمان الرسول ع ولا بعده، وإلى يومنا هذا لم ينقل أن أحدا اعترض فيها ولا أزيلت باعتراض معترض عليها ثبت أن إقرارها جائز بإجماع المسلمين وكذلك الميازيب، فإذا ثبت هذا فإن وقع على أحد لا شئ على صاحبه على ما قدمناه لأن الأصل براءة الذمة وشغلها يحتاج إلى دليل وقوله تعالى: ما على المحسنين من سبيل، وهذا محسن بوضعه غير آثم على ما قدمناه.
دية الجنين التام مائة دينار سواء كان ذكرا أو أنثى، إذا ضرب بطنها فألقت جنينا فإن ألقته قبل وفاتها ثم ماتت ففيها ديتها، وفي الجنين قبل أن تلجه الروح مائة دينار وإن كان بعد أن ولجته الروح فالدية كاملة سواء ألقته حيا ثم مات أو ألقته ميتا، إذا علم قبل إلقائه أنه كان حيا فإن مات الولد في بطنها وكان تاما حيا قد علم وتحقق حياته روي في بعض الأخبار: أن ديته نصف دية الذكر ونصف دية الأنثى، والذي تقتضيه أصول مذهبنا استعمال القرعة ولا يلتفت إلى أخبار الآحاد لأنها لا توجب علما ولا عملا والقرعة مجمع عليها أنها تستعمل في كل أمر مشكل وهذا من ذاك بغير خلاف. وكل موضع أوجبنا دية الجنين فإنه لا يجب فيه كفارة القتل بحال، ودية الجنين موروثة عندنا ولا يكون لأمه خاصة.
ودية جنين اليهودي والنصراني والمجوسي عشر ديته ثمانون درهما، وفي جنين الأمة المملوك عشر قيمتها، وعندنا يعتبر قيمتها في حال الجناية دون حال الإسقاط.