باب من لا يعرف قاتله ومن لا دية له إذا قتل والقاتل في الحرم والشهر الحرام:
من مات في زحام عبور على جسور أو زيارات قبور الأئمة ع أو في أبواب الجوامع يوم الجمعات أو أبواب المشاهد أيام الزيارات ومقامات عرفات وما أشبه ذلك من المواضع التي يتزاحم الناس فيها ولا يعرف قاتله ولا واكزه كانت ديته على بيت مال المسلمين إن كان له ولي يطلب ديته فإن لم يكن له ولي فلا دية له، ودية القتيل الموجود في القرية أو المحلة المتميزة أو الدرب أو الدار أو القبيلة ولا يعرف له قاتل بإقرار أو بينة على أهل المحل الذي وجد فيه، فإن وجد بين القريتين أو الدارين أو المحلتين أو القبيلتين فديته على أقربهما إليه، فإن كان وسطا فالدية نصفان.
وروى أصحابنا: أنه إذا كانت القريتان متساويتين إليه في المسافة كانت ديته على أهل الموضع الذي وجد فيه قلبه وصدره وليس على الباقين شئ إلا أن يتهم آخرون فيكون حينئذ الحكم فيهم، إما إقامة البينة أو القسامة على الشرح الذي قدمناه.
قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في الجزء الثالث من استبصاره في باب المقتول في قبيلة أو قرية أورد ثلاثة أخبار: بأن على أهل القرية أو القبيلة الدية، ثم قال محمد بن الحسن: الوجه في هذه الأخبار أنه إنما يلزم أهل القرية أو القبيلة إذا وجد القتيل بينهم متى كانوا متهمين بالقتل وامتنعوا من القسامة حسب ما بيناه في كتابنا الكبير فإذا لم يكونوا متهمين أو أجابوا إلى القسامة فلا دية عليهم وتؤدي ديته من بيت المال، هذا آخر كلامه. وإلى هذا القول أذهب وبه أفتى لأن وجود القتيل بينهم لوث فيقسم أولياؤه مع اللوث وقد استحقوا ما يقسمون عليه وهذا الذي يقتضيه أصول مذهبنا.
وإذا دخل صبي دار قوم فوقع في بئرهم فإن كانوا متهمين بعداوة بينهم وبين أهله كانت عليهم ديته إن كان دخل عليهم بإذنهم ويجري ذلك مجرى اللوث المقدم ذكره وتكون الدية المقدم ذكرها بعد القسامة منهم، فإن كانوا مأمونين أو دخل عليهم بغير اختيارهم لم يكن عليهم شئ سوى اليمين أنهم لم يقتلوه لأن هذه