ولو لم يكن الجنون مطبقا بل كان يجن في وقت ويفيق في وقت وجب من الدية بقدره، فإن كان يجن يوما ويفيق يوما فنصف الدية، وإن كان يجن يومين ويفيق يوما فثلثا الدية، ولو لم يزل العقل ولكن اختل فصار مدهوشا يستوحش مع الانفراد ويفزع من غير شئ يفزع بالعادة وجب حكومة بحسب ما يراه الحاكم، وروي: أن من ضرب على رأسه فذهب عقله انتظر به سنة فإن مات فيها قيد به فإن بقي ولم يرجع عقله ففيه الدية.
المطلب الثاني: السمع:
وفيه الدية، ولو قطع أذنيه فذهب سمعه فديتان، ولو حكم أهل الخبرة بعوده بعد مدة توقعت فإن لم يعد فيه استقرت الدية وكذا لو أيس من عوده حالة الجناية، ولو رجع في أثناء مدة الانتظار فالأرش، ولو مات فالأقرب الدية.
ولو كذبه الجاني في الذهاب أو قال: لا أعلم، اعتبر حاله عند الصياح الكبير والرعد القوي ويصاح به عند الغفلة، فإن تحققنا صدقه حكم له وإلا أحلفناه القسامة وحكم له.
ولو ذهب سمع إحدى الأذنين فنصف الدية.
ولو نقص سمع إحديهما قيس إلى الأخرى بأن تسد الناقصة وتطلق الصحيحة ويصاح به حتى يقول: لا أسمع، ثم يعاد عليه مرة ثانية فإن تساوت المسافتان صدق ثم تسد الصحيحة وتطلق الناقصة ويعتبر بالصوت إلى أن يقول: لا أسمع، ثم يعتبر ثانية فإن تساوت المسافتان صدق، ثم تمسح المسافة التي سمع فيها بالأذن الصحيحة والمسافة الأخرى ويطالبه بتفاوت ما بين المسافتين فإن كانت المسافة في الناقصة نصف المسافة في الصحيحة وجب نصف الدية وعلى هذا الحساب.
ولو كان النقصان من الأذنين معا اعتبرناه بالتجربة بأن نوقف بالقرب منه إنسانا يصيح على غفلة منه، فإن ظهر فيه تغير أو قال: قد سمعت، تباعد عنه وصاح على غفلة إلى أن ينتهي إلى حد لا يظهر عليه تغير، فإن قال: لم أسمع،