ويكون كامل العقل، فإن لم يكن كامل العقل أو كان عبدا مملوكا فإنه لا يقبل إقراره لأن إقراره إقرار على الغير الذي هو سيده فأما إن لحقه العتاق بعد إقراره قبلناه وحكم فيه بما يقتضيه الشرع.
وروي في بعض الأخبار: أنه متى شهد نفسان على رجل بالقتل وشهد آخران على غير ذلك الشخص بأنه قتل ذلك المقتول بطل ههنا القود إن كان عمدا وكانت الدية على المشهود عليهما نصفين وإن كان القتل شبيه العمد فكمثله وإن كان خطأ كانت الدية على عاقلتهما نصفين، أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته إيرادا لا اعتقادا والذي تقتضيه أصول المذهب ويحكم بصحته الاستدلال أن أولياء المقتول بالخيار في تصديق إحدى البينتين وتكذيب للأخرى، فإذا صدقوا إحديهما قتلوا ذلك المشهود عليه ولم يكن لهم على الآخر سبيل، ولا يبطل ههنا القود لأنه لا دليل عليه من كتاب ولا سنة متواترة بل الكتاب قاض بالقود مع البينة في قوله تعالى: فقد جعلنا لوليه سلطانا، فمن عمل بهذه الرواية أبطل حكم الآية رأسا ولا وجه لأخذ الدية منهما جميعا لأنهما غير مشتركين في القتل لأن البينة عليهما بخلاف ذلك لأنها تشهد بقتل كل واحد منهما على الانفراد دون الاجتماع والاشتراك، وتحقق ذلك وتزيده بيانا المسألة التي تأتي بعد ذلك وهو: من شهد عليه بالقتل ثم أقر آخر بالقتل فللأولياء أن يقتلوا من شاؤوا منهما بغير خلاف، فإذا لا فرق بين الموضعين لأن الإقرار كالبينة والبينة كالإقرار في ثبوت الحقوق الشرعية التي تتعلق بحقوق بني آدم فليلحظ ذلك.
وإذا قامت البينة على رجل بأنه قتل رجلا عمدا وأقر آخر بأنه قتل ذلك المقتول بعينه عمدا كان أولياء المقتول مخيرين في أن يقتلوا أيهما شاؤوا، فإن قتلوا المشهود عليه فليس لهم على الذي أقر سبيل ويرجع أولياء الذي شهد عليه على الذي أقر بنصف الدية، فإن اختاروا قتل الذي أقر قتلوه وليس لهم على الآخر سبيل وليس لأولياء المقتول المقر على نفسه على الذي قامت عليه البينة سبيل، وإن أراد أولياء