أن المكاتب المطلق إذا أدى نصف مكاتبته فهو بمنزلة الحر في الحدود وغير ذلك من قتل أو غيره من أن حكمه حكم الأحرار يجب على قاتله القود، معتمدا على خبر شاذ فتأوله والصحيح ما ذهب إليه في نهايته لأنه يعضده أصول مذهبنا.
وديات الجوارح والأعضاء وأروش جراحاتهم على قدر أثمانهم كما أنها كذلك في الأحرار، ويلزم قاتل العبد إذا كان العبد مسلما من الكفارة ما يلزم في قتل حر مسلم سواء من كفارة الجميع وهي عتق رقبة وصيام الشهرين المتتابعين وإطعام ستين مسكينا إذا كان قتله له عمدا فإن كان خطأ كان عليه الكفارة الواحدة المرتبة على ما قدمناه في الحر سواء.
ومن قتل عبده متعمدا كان على الإمام أن يعاقبه عقوبة تردعه عن مواقعة مثله في المستقبل ويغرمه قيمة العبد فيتصدق بها على الفقراء وكان عليه بعد ذلك كفارة قتل العمد وهي كفارة الجمع المقدم ذكرها، فإن كان قتله خطأ لم يكن عليه إلا الكفارة حسب ما قدمناه من أحد الأجناس الثلاثة على الترتيب.
ومتى جرح انسان عبدا أو قطع شيئا من أعضائه مما يجب فيه قيمته على الكمال وجب عليه قيمته ولا يتجاوز بها دية الأحرار ويأخذ العبد يكون رقا له، ولا يجوز للمولى أن يمسكه ويطالب بقيمته بل هو بالخيار بين أن يأخذ قيمته ويسلمه إلى الجاني يكون رقا له وبين أن يمسكه ولا شئ له لئلا يجمع بين البدل والمبدل، وليس كذلك إذا جنى الحر على العبد بما هو دون ثمنه وديته التي هي قيمته فإنه عند هذه الحال لا يكون صاحبه في دفعه إلى الجاني بالخيار بل له دية ما جرحه أو قطعه ويمسك عبده.
فأما إذا قطع رجل يد عبد وقطع رجل آخر يده الأخرى فالذي يقتضيه مذهبنا وأصوله أن سيده لا يكون ههنا بالخيار في إمساكه ولا شئ له على القاطعين وبين تسليمه إليهما وأخذ قيمته منهما بل يكون له على كل واحد منهما نصف قيمته ولا يجب عليه تسليمه إليهما بل هو له، وحمل ذلك على القاطع الواحد قياس ونحن لا نقول به بل نقف ونأخذ بعين ما ورد لنا في ذلك.