عليه دون أوليائه بغير خلاف، وأما قوله رحمه الله: فإن طلب الدية وجب على القاتل أن يعطيه مقدار ما يصيبه من الدية، فقد قلنا ما عندنا فيه وأيضا فهذا ينقض علينا أصلنا المقرر لأنا بلا خلاف بيننا لا نخير ولي المقتول بين القود وأخذ الدية بل ما يستحق إلا شيئا واحدا وهو القود على ما قدمناه فيما مضى والمخالف لنا نخيره بين القود وأخذ الدية وهذا لا يذهب أحد من أصحابنا إليه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وأولياء المقتول هم الذين يرثون ديته سوى الزوج والزوجة، وقد ذكرناهم في كتاب المواريث ويكون للجميع المطالبة بالقود ولهم المطالبة بالدية ولهم العفو على الاجتماع والانفراد ذكرا كان أو أنثى على الترتيب الذي رتبناه، وإذا مات ولي الدم قام ولده مقامه في المطالبة بالدم، والزوج والزوجة ليس لهما غير سهمهما من الدية إن قبلها أولياء المقتول أو العفو عنه بمقدار ما يصيبهما من الميراث وليس لهما المطالبة بالقود، ومن ليس له من الدية شئ من الإخوة والأخوات من الأم أو من يتقرب من جهتها فليس لهم المطالبة بالدم ولا الدية.
وقال في مبسوطه: وأما الكلام في القصاص وهو إذا قتل عمدا محضا فإنه كالدية في الميراث يرثه من يرثها فالدية يرثها من يرث المال والقود يرثه من يرث الدية والمال معا هذا مذهب الأكثر وقال قوم: يرثه العصبات من الرجال دون النساء، وفيه خلاف والأقوى عندي الأول وإن كان الثاني قد ذهب إليه جماعة من أصحابنا وذكرناه نحن في النهاية ومختصر الفرائض فأما الزوج والزوجة فلا خلاف بين أصحابنا أنه لا حظ لهما في القصاص ولهما نصيبهما من الميراث من الدية، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر في مبسوطه حرفا فحرفا.
قال محمد بن إدريس: الذي أعول عليه وأفتى به القول الذي قواه شيخنا في مبسوطه دون ما ذكره في نهايته لأنه موافق لأصول مذهبنا يعضده ظاهر القرآن من قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، فلا نرجع عن كتاب الله تعالى بأخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا وهي أيضا معارضة بأخبار مثلها، والإجماع فغير منعقد على ما ذكره في نهايته وإذا لم يكن على المسألة إجماع فالتمسك فيها بكتاب الله تعالى هو الواجب.