المسألة الرابعة والمائتان:
لا يجوز أكل الحمار الوحشي. عندنا إن أكل الحمار الوحشي والأهلي أيضا مباح ولا أعرف من الفقهاء كلهم خلافا في الحمار الوحشي وإنما خالفونا في الحمار الأهلي.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردد قوله تعالى: قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما علي طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير. فعدد المحرمات كلها ونفى أن يكون ما عداها محرما ولم يذكر الحمار الوحشي ولا الأهلي، ولا يلزم على هذا الاستدلال ما أثبتنا تحريمه وإن لم يدخل في هذه المذكورات في الآية لأن ذلك إنما عدلنا عن الظاهر بدليل قاهر ولا دليل على إلحاق لحوم الحمير بالمحرمات في الآية، وأيضا قوله تعالى: إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير. ولم يذكر لحوم الحمير وقد بينا في غير موضع أن لفظة إنما يدل على نفي الحكم عما عدا ما تعلق بها وفرقنا بين قول القائل عندي درهم وبين قوله إنما له عندي درهم. واستدللنا على صحة هذه الطريقة بأن ابن عباس كان يذهب إلى أن الربا تختص النسيئة واستدل على مذهبه بما روي عنه ع من قوله: إنما الربا في النسيئة، وقول ابن عباس حجة فيما يتعلق باللغة لأنا رأينا من خالف ابن عباس وناظره على مذهبه هذا. لم يرد عليه ما ذهب إليه فيه لفظة " إنما " ولا خالفه في موجب ما علقه عليها وإنما طعن على مذهبه من غير هذه الجهة، فصار القول بأن لفظة " إنما " تنفى الحكم عمن عدا من دخلت عليه إجماعا.