بعد ذلك، فإن حصل فيها شئ من الدم فكذلك سواء كان الدم قليلا أو كثيرا إذا كان دما نجسا، لأن في الدماء ما هو طاهر عندنا بغير خلاف وهو دم السمك.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: فإن حصل فيها شئ من الدم وكان قليلا ثم غلى جاز أكل ما فيها لأن النار تحيل الدم، فإن كان كثيرا لم يجز أكل ما وقع فيه. وهو رواية شاذة مخالفة لأصول المذهب أوردها في كتابه إيرادا ولا يرجع عن الأدلة القاهرة إلا بمثلها، قوله: إن كان قليلا ثم غلى جاز أكل ما فيها لأن النار تحيل الدم، قول عجيب هب أن النار أحالته المائع الذي قد وقع فيه أ ليس قد نجسه وقت وقوعه فيه؟ والنار لعمري ما أذهبت جميع المرق وما عهدنا ولا ذهب أحد من أصحابنا إلى أن المائع النجس بالغليان يطهر إلا ما خرج بالدليل من العصير إذا ذهب بالنار والغليان ثلثاه فقد طهر وحل الثلث الباقي على ما يأتي بيانه.
وكل طعام حصل فيه شئ من الميتات مما له له نفس سائلة فإنه ينجس بحصوله فيه ولا يحل استعماله، فإن كان ما حصل فيه الميتة جامدا مثل السمن والعسل ألقي منه وما حوله واستعمل الباقي، وإن كان ما حصل فيه الميتة مائعا لم يجز استعماله ووجب إهراقه، فإن كان دهنا مثل الشيرج والبزر جاز الاستصباح به تحت السماء ولا يجوز الاستصباح به تحت الظلال، لا لأن دخانه نجس بل تعبد تعبدنا به لأن دخان الأعيان النجسة ورمادها طاهر عندنا بغير خلاف بيننا، ولا يجوز الادهان به ولا استعماله في شئ من الأشياء سوى الاستصباح تحت السماء.
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه في كتاب الأطعمة: وروى أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء دون السقف وهذا يدل على أن دخانه نجس، قال رحمه الله: غير أن عندي أن هذا مكروه، فأما دخانه ودخان كل نجس من العذرة وجلود الميتة؟ للكلام تتمة لأن السرجين والبعر وعظام الميتة عندنا ليس بنجس وأما ما يقطع بنجاسته قال قوم: دخانه نجس وهو الذي دل عليه الخبر الذي قدمناه من رواية أصحابنا وقال آخرون وهو الأقوى: أنه ليس بنجس فأما رماد النجس فعندنا طاهر وعندهم نجس وإنما قلنا ذلك لما رواه أصحابنا من جواز السجود على جص أوقد عليه بالنجاسات، هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطه.
قوله رحمه الله: وروى أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء دون السقف وهذا يدل على أن