تلقيا.
وقال شيخنا في نهايته: وأما التلقي فهو أن يستقبل الانسان الأمتعة والمتاجر على اختلاف أجناسها خارج البلد فيشتريها من أربابها وهم لا يعلمون بسعر البلد فمن فعل ذلك فقد ارتكب مكروها لما في ذلك من المغالطات والمغابنات، وكذلك أيضا يكره أن يبيع حاضر لباد لقلة بصيرته مما يباع في البلاد وإن لم يكن شئ من ذلك محظورا لكن ذلك من المسنونات.
وما ذكره في مبسوطه في المسألتين معا من أن ذلك محرم هو الصحيح لأنه نهى ع عن ذلك والنهي عندنا بمجرده يقتضي التحريم في عرف الشريعة.
فإن قيل: لو كان ذلك على جهة التحريم لكان البيع فاسدا لأن النهي عندكم يقتضي فساد المنهي عنه وقد قلتم: إن البيع إذا تلقى صحيح.
قلنا: نهى ع عن التلقي وما نهى عن نفس العقد الذي هو البيع فلا يتعدى أحدهما إلى الآخر ولو كان النهي عن نفس البيع لفسد وإنما النهي عن التلقي.
ونهى عن الاحتكار والاحتكار عند أصحابنا هو: حبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن من البيع، ولا يكون الاحتكار المنهي عنه في شئ من الأقوات سوى هذه الأجناس وإنما يكون الاحتكار منهيا عنه إذا كان بالناس حاجة شديدة إلى شئ منها ولا يوجد في البلد غيره، فأما مع وجود أمثاله وسعة ذلك على الناس وكثرته فلا بأس أن يحبسه صاحبه ويطلب بذلك الفضل.
ومتى ضاق على الناس الطعام ولم يوجد إلا عند من احتكره كان على السلطان والحكام من قبله أن يجبره على بيعه ويكرهه عليه ولا يجوز أن يجبره على سعر بعينه ولا أن يسعر عليه بل يبيعه بما يرزقه الله تعالى ولا يمكنه من حبسه أكثر من ذلك، وقال شيخنا المفيد في مقنعته: وللسلطان أن يكره المحتكر على اخراج غلته وبيعها في أسواق المسلمين إذا كانت بالناس حاجة ظاهرة إليها وله أن يسعرها على ما يراه من المصلحة ولا يسعرها بما يخسر أربابها فيها.
والأول مذهب شيخنا أبي جعفر في نهايته ومسائل خلافه ومبسوطه وجميع كتبه وهو الصحيح