ع: ولا يجوز أن يبيع حاضر لباد، معناه: أنه لا يبيع الحاضر البادي أو لا يبيع الحاضر على البادي، وهذا لا يقوله من له أدنى تحصيل فإني شاهدت بعض متفقهة أصحابنا وقد اشتبه عليه ذلك وقال: المراد به ما أوردته أخيرا من أنه لا يبيع حاضر شيئا على باد، وهذا غاية الخطأ ومن أفحشه وهل يمنع من أن يبيع حاضر على البادي أحد من المسلمين؟ ولو أراد ذلك ع لما قال: ولا يجوز أن يبيع حاضر لباد، بل كان يقول: ولا يجوز أن يبيع حاضر على باد، فلما قال " لباد " دل عليه أنه لا يكون سمسارا، ووجدت بعض المصنفين قد ذكر في كتاب له قال: فهي أن يبيع حاضر لباد، فمعنى هذا النهي والله أعلم معلوم في ظاهر الخبر وهو الحاضر للبادي يعني متحكما عليه في البيع بالكره أو بالرأي الذي تغلب به عليه يريه أن ذلك نظر له، أو يكون البادي يوليه عرض سلعته فيبيع دون رأيه أو ما أشبه ذلك.
فأما إن دفع البادي سلعته إلى الحاضر ينشرها للبيع ويعرضها ويستقصي ثمنها ثم يعرفه مبلغ الثمن فيلي البادي البيع بنفسه أو يأمر من يلي ذلك له بوكالته فذلك جائز وليس في هذا من ظاهر النهي شئ لأن ظاهر النهي إنما هو أن يبيع الحاضر البادي فإذا باع البادي بنفسه فليس هذا من ذلك بسبيل كما يتوهمه من قصر فهمه، هذا آخر الكلام فأحببت إيراده هاهنا ليوقف عليه فإنه كلام محصل سديد في موضعه.
فأما المتاع الذي يحمل من بلد إلى بلد ليبيعه السمسار ويستقصي في ثمنه ويتربص فإن ذلك جائز لأنه لا مانع منه وليس كذلك في البادية.
ولا يجوز تلقي الجلب ليشتري منهم قبل دخولهم البلد لأن النبي ع قال:
لا يبيع بعضكم على بيع بعض ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها الأسواق، وروي عنه ع أنه نهى عن تلقي الجلب، فإن تلقى متلق فاشتراه فصاحب السلعة بالخيار إذا ورد السوق فإن تلقى واشتراه يكون الشراء صحيحا لأن النبي ع أثبت الخيار للبائع والخيار لا يثبت إلا في عقد صحيح وخياره يكون على الفور مع الإمكان، فأما إذا كان راجعا من ضيعة أو من سفر فتلقى جلبا جاز له أن يشتريه لأنه لم يتلق الجلب للشراء منهم وحد التلقي روحة وحدها أربعة فراسخ فإن زاد على ذلك كان تجارة وجلبا ولم يكن