هذه الحال لا يجوز السوم على سوم أخيه لأن السوم في البيع هو الزيادة في الثمن بعد قطعه والرضا به بعد حال المزايدة وانتهائها وقبل الإيجاب والقبول لقوله ع: لا يسوم الرجل على سوم أخيه.
فأما إذا باع انسان من غيره شيئا وعقد العقد بالإيجاب والقبول وهما بعد في المجلس ولكل واحد منهما الخيار في الفسخ فجاء آخر يعرض على المشتري سلعة مثل سلعته بأقل منها أو خيرا منها ليفسخ ما اشتراه أو يشترى منه سلعة فهذا محرم غير أنه متى فسخ الذي اشتراه انفسخ وإذا اشترى الثاني كان صحيحا.
وإنما قلنا إنه حرام لقوله ونهيه ع: لا يبيعن أحدكم على بيع أخيه، وكذلك الشراء بعد البيع محرم وهو أن يعرض على البائع أكثر من الثمن الذي باعه به فإنه حرام لأن أحدا لم يفرق بين المسألتين.
وقال شيخنا أبو جعفر في تفسير القرآن في تفسير قوله تعالى: ومنه شجر فيه تسيمون، أي يرعون يقال: أسمت الإبل إذا رعيتها وقد سامت تسوم فهي سائمة إذا رعت، وأصل السوم الإبعاد في المرعى والسوم في البيع الارتفاع في الثمن. وقال في موضع آخر من التبيان: أصل السوم مجاوزة الحد فمنه السوم في البيع وهو تجاوز الحد في السعر إلى الزيادة ومنه السائمة من الإبل الراعية لأنها تجاوز حد الإنبات للمرعى، هذا آخر كلام شيخنا في التبيان في معنى السوم فصح ما قلناه إنه الزيادة والارتفاع في الثمن.
ولا يجوز أن يبيع حاضر لباد، ومعناه أن يكون سمسارا له بل يتركه أن يتولى لنفسه ليرزق الله بعضهم من بعض فإن خالف أثم وكان بيعه صحيحا. وينبغي أن يتركه في المستقبل هذا إذا كان ما معهم يحتاج أهل الحضر إليه وفي فقده إضرار بهم، فأما إذا لم يكن بهم حاجة ماسة إليه فلا بأس أن يبيع لهم، هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر في مبسوطه وكذلك الفقيه ابن البراج في مهذبه وهذا هو الصحيح الذي لا خلاف فيه بين العلماء من الخاص والعام وبين مصنفي غريب الأحاديث من أهل اللغة كالمبرد وأبي عبيد وغيرهما، فإن المبرد ذكر ذلك في كامله فلا يتوهم متوهم أن المراد بقوله